اغتيال المرحوم القاضي رائد زعيتر لمجرد ملاسنة مع جندي إسرائيلي أرعن جريمة إسرائيلية بشعة ، ولكنها ليست الجريمة الوحيدة التي ترتكبها إسرائيل ، كما أن الشهيد زعيتر ليس أول ولن يكون آخر أردني أو فلسطيني أو عربي تقتله إسرائيل غدراً ودون مبرر ، ذلك أن غطرسة القوة تجعلها تتصرف بموجب شريعة الغاب.
كل رئيس أميركي جاء إلى البيت الأبيض كان يدق على صدره ويتعهد بدعم إسرائيل عسكرياً لتظل أقوى من الدول العربية منفردة ومجتمعة ، ويبدو أنها كذلك فعلاً حتى قبل تصفية الحساب مع جيوش أقوى ثلاث دول عربية.
مع ذلك فإن بعض نوابنا المحترمين يريدون أن يزجوا الأردن منفرداً في مواجهة غير متكافئة مع إسرائيل ، وكأن الأصوات العالية سلاح كاف. من حق نوابنا بالتأكيد أن يغضبوا شريطة أن يعرفوا أن احداً لن يهب لنجدة الأردن ، خاصة إذا كان نوابه هم الذين قادوا التصعيد لدرجة التلويح بإلغـاء المعاهدة ، مما يشكل هدية لإسرائيل ، ويمهد الطريق لمخططاتها.
اهتـم كثيرون فيما إذا كان نتنياهو قد تأسف أم اعتذر عن الفعلة النكراء ، مع أنه ليس مهمأً أن يأسف أو يعتذر ، وليس ضرورياً أن نتوقع أو نطلب منه الاعتذار ، فالاعتذار عن الاخطاء والإساءات يكون عادة بين الأصدقاء الذين لا يتوقعون من بعضهم سوى الود والمعاملة الحسنة.
ينتهز البعض الفرصة السانحة لتسجيل المواقف وكسب الشعبية ، ولو على حساب أمن الوطن ومصالحه واستقراره.
ممارسة السياسة الخارجية ليست مناطة بمجلس النواب. ومن يستمع إلى الخطابات المدوية تحت القبة يظن أن العدو الحقيقي هو الحكومة الأردنية ، وأن القاتل هو رئيس الوزراء عبد الله النسور ، وأن الحل يكمن في إسقاط حكومته ليشكل الحكومة القادمة صلاح الدين الأيوبي!.
مطلوب عدم تحميل الأردن فوق طاقته. وحتى الجهات العربية الأكبر والأقوى ، دولاً ومنظمات مسلحة ، كانت ولا تزال تتعرض لاعتداءات إسرائيلة صريحة واستفزازية وأحيانأً استراتيجية ، فتكتفي بالقول أنها سترد على العدوان الإسرائيلي في الوقت الذي تختاره هي. والحقيقة أنها تعرف حدودها واختارت عدم المواجهة لأن نتيجتها محسومة.
سؤال نطرحه على أصحاب الرؤوس الساخنة: هل الاردن جاهز للمواجهة مع إسرائيل وإلغاء المعاهدة وتحويل الحدود إلى خطوط وقف إطلاق النار والعودة إلى حالة الحرب؟ وما هي الخطوة التالية؟.
الراي