حاولتُ أن أجد تبريرا "فنيّا" لسلوك بطل رواية الكاتب قاسم توفيق الجديدة والتي حملت عنوان» رائحة اللوز المُرّ» والصادرة في عمّان بدون دار نشر، وهو ما يؤكد ان الكاتب يتحمل وحده مسؤولية ما قد يترتب على نشر روايته التي تُعد بحسب وجهة نظري "المتواضعة"،أجرأ ما قد يقرأه المواطن في الاردن. وأعني الجرأة بالمعنى الايجابي والسلبي،بما تتناوله من تفاصيل وأحداث تصدم القارئ بالألفاظ والمفردات التي «كانت» في الماضي، من ضمن "الممنوعات" و"المحظورات"،وكانت "الرقابة" تحذفها، هذا إن لم تكن ترفض «إجازة المخطوط» قبل وصوله الى المطبعة.
ومنذ السطر الأول للرواية نجد الكاتب يضع القارىء في «بيت النار» حين يقول» قلت له أني أنا الرجل الذي قرر أن يقطع»..» من جذوره ويلقي به في البحر حتى يأكله السمك».
لكن المشكلة التي تجعله يتوقف عن فعلته «عدم وجود بحر في عمّان» وايضا، الخوف من الموت بقطع الشريان الذي يقود الى الهلاك.
والسبب ان ذلك «الشيء» في جسمه يعطّل عقله ويجعله لا يفكر الا في النساء ومن جانب واحد فقط.
تدور احداث رواية قاسم توفيق حول فنان تشيكلي،يهوى الرسم منذ صغره،لكنه يواجه «مدرّس الدين» الذي يكرهه،وهنا إشارة الى « التابو» الديني من خلال «رمزه» وهو مدرّس الدّين،بينما والدته تشجعه على ممارسة هوايته،وتشتري له الدفاتر والاقلام الملونة.
البطل يخرج من بيئة فقيرة،وبحسب «تبريره» فإن الفن التشكيلي فن» الأثرياء» وهو يريد «تعويض» أو « الانتقام» من ماضيه عبر رسم لوحات ونحويل» مرسمه» الى «مصيدة» للنساء وإغوائهن.
بطل الرواية مع ذلك ليس شخصا» فحلا» ولا «مفتول العضلات»،لكنه كما يقول «كل ما أملكه في الدنيا أصابع ماهرة في الرسم ولسان بارع في الغزَل».
كما انه "رجل لا تقاومه النساء" و"يعرف متى يقدم عرضه ومتى ينحني أمام السيدة الجميلة ويدعوها للرقص».
ونجد «غزواته» و» مغامراته» لا تستثني «بنت الحارة» المراهقة مرورا ب «جارته» والمرأة السويسرية»سيسيل» وحتى آخرهن»جيني» طالبة الجامعة.
ورغم تناول الاحداث لفترات زمنية لها ابعاد تتصل بهزيمة العرب في»حزيران»،الا الرواية لم تقدم لنا ما يقنعنا او "يقنعني" بمبررات سلوك بطل الرواية، اللهم «تجاوز» المسكوت عنه ومحاولة «كسر» التابو» و"المحظورات» الاجتماعية.
اذا كان هذا ما يريده الكاتب ، فقد نجح في تحقيقه،واللي يعيش يا ما يشوف!! (الدستور)