الواسطة والمحسوبية ونظام القيم والاخلاق
18-02-2008 02:00 AM
الفساد ظاهرة وبائية مدانة في مختلف المجتمعات المتقدمة والنامية لما يمكن ان يترتب عليها من اضرار بالمصلحة العامة ومصالح الافراد والمؤسسات , فان الوقاية منه وحماية المجتمع من اشراره واجب على الجميع في ظل شفافية واضحة المعالموليس من مجتمع الا وتسوده ظاهرة فساد متعددة الوجوه والانواع , فمن فساد مستوطن ومتوطن ومطل الى فساد وبائي مستشري , ومن فساد غباره ابيض الى فساد غباره اسود , يتسلل دون رقيب ويخرج دون حسيب
فهو الجهد الضائع نتيجة العبثية او السلبية والتخريب والاعاقة لقوى التنظيم والإصلاح والتنمية , أو التشويه والعرقلة والمعارضة للجهود الساعية نحو تحقيق الهدف المنشود اي انه الخطا في استخدام القوى البشرية والمادية الذي يؤثر على تحقيق الهدف
ومن اهم اسباب الفساد اهتزاز نظام القيم في المجتمع ،ولهذا فان اسبابة تعود الى اسباب اجتماعية ترتبط بمجوعة من القيم والاعراف والتقاليد وتدني مستويات الوعي والمعرفة , والفقر , والجهل والجشع التي تحكم المجتمع ومثله الاعلى , الى جانب التناقص في مصالح السياسية , لان الفساد باشكاله المختلفة رهنا بالفساد السياسي أي ان هناك جذور سياسية وادارية ترتبط بمفهوم المجتمع والمصلحة العامة والانتماء للوطن والنظام السياسي القائم .
الواسطة والمحسوبية تمس نظم القيم الاجتماعية والاخلاق وتضعف الثقة بين الحكام والمحكومين وتخل بنظام العدالة الاجتماعية ويقف حائلا دون التقدم والاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري كما تضعف الجسم الاجتماعي وتفتت ترابطه وتجعل من عدم الثقة هي الاساس التي تحكم العلاقات العامة والخاصة وتخلق نفور من السلطة .
وقد اتخذت الاردن الخطوات اللازمة لتعزيز مكانتها في محاربة الفساد من خلال استحداث جهاز متخصص لمحاربة الفساد بشكل فاعل تمثلت في هيئة مكافحة الفساد وتوفير جميع الظروف التي يمكن ان تساعد هذا الجهاز على تحقيق اهدافه والتعامل مع كافة اشكال الفساد والكشف عنه بما فيه المالي والاداري، فصدرت التشريعات والقوانين لتكون الهيئة اكثر فعالية تتفق في عملها مع المعايير الدولية لمكافحة الفاسد.
فالواسطة والمحسوبية موروث اجتماعي متعارف عليه يسعى فيه شخص لمساعدة آخر للحصول على حق معين أو خدمة معينة.
في الاصل يجب ان يكون بمقدور كل شخص الحصول على حقه او على الخدمة التي يستحقها مباشرة بدون تدخل أي شخص آخر اذا توافرت شروط الحصول على هذا الحق وهذه الخدمة.
وللهيئة دورا هاما في مكافحة ومحاربة الواسطة والمحسوبية ووضع إجراءات وتدابير عملية ورادعة لمكافحة هذا النوع من الفساد الذي يعد موروث اجتماعي متعارف عليها والاصل ان المواطن يجب ان يستوفي حقه مباشرة اذا توافرت شروط الحق وعلى المسؤول ان يحترم القوانين والانظمة ويطبقها على الجميع دون استثناء بحيث ياخذ كل مواطن حقه دون منة احد ، وعلى المسؤول لا ينتظر ان ياتي شخص مع طالب الحق ليعطيه اياه ، اما اذا كان المطلوب دون وجه حق فعلى المسؤول ان يدرك ان عمله مخالفا للقوانين والمجتمع والدين ويجب ان يعاقب عليه اذا توسط هنا لاعطاء حق على حساب شخص اخرفالواسطة التي تلغي حق وتعطي حق لاخر تعد جريمة .
وتسعى هيئة مكافحة الفساد الى توفير بيئة مجتمعية تحرص على العدالة والمساواة فالواسطة اذا حرمت شخص من حق فهي جريمة ، لذا هنا لا بد من الجانب الوقائي لتثقيف المواطن فيجب ان يطلب الحق دون اللجوء الى الواسطة ويجب على المسؤول ان يعرف انه خادم للوطن ويعطي الحق اذا استوفى شروطه فلا بد ان تكون هنالك بيئة مجتمعية لاعطاء الناس حقوقهم.
ولهذا يمكن اعتبار الواسطة والمحسوبية على انها شكل من اشكال الفساد وضرورة ازالة ومحاربة المفهوم السائد بان الواسطة والمحسوبية امر مستحسن ومقبول والسعي لاقناع المواطن والمسؤول بان الواسطة التي تلغي حقاً او تحق باطلاً هي جريمة فساد يجب محاربتها ، وان كل انسان له الحق في الحصول مباشرة على حقه اذا توافرت شروطه بدون توسط من احد.
والمطلوب من المسؤول التقيد بالقوانين والانظمة واحترامها وعدم الالتفاف عليها او تفسيرها تفسيرات غير سليمة والقناعة التامة بأن من حق المواطن الحصول على حقه الذي يعطيه إياه القانون مباشرة ويكفله الدستور دون تدخل او واسطة من احد اذا توافرت شروط هذا الحق ، وان المسؤول هو خادم لهذا المواطن ومعين لخدمته.
والمسؤولية تقع ايضا على المواطن الذي يجب عليه ان يقتنع بحقه اذا توافرت شروطه وفي حالة عدم أحقيته بهذه الخدمة أو الحق الذي ينشده فيجب عليه ان لا يسعى للحصول على خدمة او حق لا يستحقه على حساب شخص آخر.
ان على الشخص الذي يتوسط لشخص ليس صاحب حق ان يعرف بان عمله هذا غير مشروع وفيه اعتداء على حق آخر ويتجاوز على القانون والانظمة ويسيء للمجتمع وقيمه الدينية والاخلاقية ويمس بقواعد العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وهو عمل مرفوض اجتماعيا وقانونياً.
وعلى كل مسؤول ان يحارب الواسطة والمحسوبية التي تلغي حقاً او تحق باطلاً ، وتعتبر الواسطة في هذه الحالة فسادا يعاقب عليه القانون لان فيها اعتداء على حق الغير واسس العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.
يحب ان نسعى لايجاد بيئة ثقافية تحارب الواسطة والمحسوبية التي تعتدي على حقوق الغير وتثقيف المواطن والعمل على ايجاد بيئة تحرص على النزاهة والشفافية والمساواة والعدالة واحترام حقوق المواطن المشروعة.
كما علينا ان نقاطع الفاسد والمفسد لا ان نشجعة على انها مرجلة تمكن تحقيق ما يريد وان المسؤول الذي يطبق القوانين والانظمة على انه اهبل لم يستغل موقعه بشكل او باخر .
fhimidi@yahoo.com