ما هي القصة الحقيقية لسحب سفراء السعودية والامارات والبحرين من قطر؟ أعتقد أن عندي أكثرها بعد مقابلتي ثلاثة من كبار المسؤولين الخليجيين الذين شاركوا في المفاوضات من الرياض الى الكويت ثم الرياض مرة أخرى.
المسؤولون طلبوا عدم نشر أسمائهم، بل عدم نشر مناصبهم، حتى لا يُستَدَل منها على الأسماء، وواحد منهم أقسم لي بأولاده أنهم يريدون الخير لقطر لا أي إساءة.
هو قال: إن قطر إعتقدت أنها تستطيع أن تفعل ما تريد من دون رد فعل منا. قررت أننا دول تقليدية راح نْطَنِّش أو نسامح وأن الملك عبدالله (بن عبدالعزيز) قد يتغاضى. القطريون حسبوها خطأ أيضاً من ناحية أخرى، فقد قرروا أن المملكة لن تتجرأ على إتخاذ موقف ضد الاسلام السياسي بسبب طبيعتها الدينية.
أضاف المسؤول: لكن ما لم يحسبوا له حساباً هو جرأة الملك عبدالله وشعبيته والنجاحات التي حققها لشعبه. هم رأوا في السعودية بيروقراطية وشكوى من الفساد ولم يروا أن الناس في السعودية عندهم ثقة لا حدود لها بالملك ويثمنون إنجازاته.
كان مسؤول ثانٍ يستمع الى ما سبق وهو زاد: قرار السماح بسواقة المرأة أصبح يحمل أكثر من وزنه الحقيقي، أصبح هذا القرار taboo من المحرمات. الملك أولويته واضحة في ما أنجز، أن يُدخل المرأة السعودية سوق العمل، في مجلس الشورى، وظائف في القيادة السعودية، قانون العنف الأسري. لو أخذ قرار سواقة المرأة كان صعُبَ عليه إتخاذ القرارات هذه وهي أهم للمرأة السعودية.
قال المسؤول الثاني: أعود بك الى أواخر السنة الماضية. فبعد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في ايلول (سبتمبر) قابل وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل الشيخ صباح الأحمد، أمير الكويت، وشرح له إمتعاض السعودية والامارات والبحرين من دور الاخوان المسلمين في «الجزيرة» ودور قطر في تمويل NGOs، أي منظمات غير حكومية، في هذه الدول الثلاث.
هو أضاف: الأمير سعود أراد من الشيخ صباح أن يتوسَّط. كنا نريد عمل شيء مش نصعِّد. الشيخ صباح تواصل مع تميم (بن حمد، أمير قطر الجديد) وجرى تبادل رسائل. ووصلوا الى فكرة أن يروح صباح وتميم عند الملك عبدالله لحل المشكلة، فكان الاجتماع الثلاثي في 23/11/2013 في الرياض.
تعهد الشيخ تميم بالفعل بتنفيذ كل ما طلبنا منه. لكن كبير الحاضرين قال له: أنت... مثل أبوك (أبيك). لن أصدق ما قلت إلا إذا كُتِبَ ووقعت عليه وشهد عليه الشيخ صباح و(ممثلو) الدول الخليجية كافة.
بالفعل كانت النتيجة ما يُسمى مذكرة أو وثيقة الرياض. كتِبَت بالخط لأنه لم يكن هناك وقت لطباعتها. خط مساعد خليفان. وقع الشيخ تميم والملك والشيخ صباح، ووزعت على القادة ووقعوا عليها:
النقاط الأساسية ثلاث:
- وقف دعم الاخوان.
- وقف دعم الحوثيين.
- وقف إستخدام قطر ملجأ للمعارضات الخليجية.
لم تضم الوثيقة شيئاً عن «الجزيرة» أو مصر أو سورية. لم تكن لها أي علاقة بسياسة خارجية، وإنما تناولت قضايا خليجية داخلية وقضايا أمن خليجي، إذ أصبحت قطر مرتعاً للاجئين من الدول المجاورة. لا يجوز أن تسمح للاجئ عندك أن يتحول الى عدو لحليفك. كل اللاجئين الى السعودية لم يُسمَح لهم بممارسة نشاط سياسي ضد دولهم. بنازير بوتو كان الشرط الأساسي لاقامتها في دبي عدم ممارسة نشاط سياسي. (الجزء الثاني والأخير غداً).
(الحياة اللندنية)