نشرت إحدى الصحف المحلية اليومية ، مقالا بعنوان ( وأما المرأة فلا بواكي لها ) ، اعتمد فيه الكاتب على بعض الدراسات والأبحاث لانتقاد حجم تواجد المرأة وتمثيلها في عدة مجالات كحقول الإنتاج والسياسة سواء في الأجهزة الرسمية أو في مؤسسات المجتمع المدني ، وعندما وصل إلى تواجد المرأة في الأحزاب وصف ذلك الوضع ( بالفضيحة ) معمما الوصف على كافة الأحزاب السياسية الأردنية ، دونما ذكر لنسبة النساء في تشكيلة كل حزب واكتفى بذكر تواجدهن في المواقع القيادية لحزبين فقط ، إحداهن في موقع أمين عام حزب ، وأخريين أعضاء في قيادة حزب آخر ، دونما التطرق إلى معلومات موثقة عن بقية الأحزاب ، وفي ذلك ظلم مؤكد للمرأة وللأحزاب في آن معا .
بداية لا بد من الإشادة بهذه الفزعة للنساء اللواتي يشكلن نصف المجتمع ، لكنه من العدالة أيضا حساب نسبة النساء اللواتي يشغلن مواقع قيادية في أي حزب إلى عدد النساء المنتميات لذلك الحزب ، إذ كثيرا ما تفوق هذه النسبة ، نسبة الرجال القياديين في الحزب من مجمل الذكور المنتمين له ، ولكن ذلك لا يعني الرضى عن عدد النساء المنتميات للأحزاب أو القياديات منهن ، بل يعني النظر إلى أساس الموضوع وهو عزوف جمهور المواطنين ذكورا وإناثا عن العمل الحزبي نتيجة عوامل كثيرة ، وقد أشبع ذلك الموضوع بحثا ونقاشا في عدة مقالات وندوات ومحاضرات دونما خطوات عملية لعلاجه واجتثاث أسبابه ، ولست هنا في معرض تكرار تلك العوامل ولا ما قيل عن تقصير الأحزاب ذاتها أو مناقشة ما يوضع أمامها من عقبات تحد انتشارها ، لكنني كأحد أعضاء حزب الإصلاح ، أستطيع وبكل فخر القول بأن نسبة النساء في حزبنا ليست ( فضيحة ) ، فقد جاوزت نسبتهن من المؤسسين 33% ، وهن الآن يشكلن ما نسبته 27% من مجمل أعضاء الحزب ، ولا أمتلك إحصائيات دقيقة عن نسب النساء في الأحزاب الأردنية الأخرى ، فقد تكون أكثر أو أقل .
أما بخصوص ما تشغل النساء من مواقع قيادية في حزب الإصلاح فهنالك (8) ثماني سيدات أعضاء في المجلس المركزي وسيدة واحدة في المكتب التنفيذي ، وتنشط نساء الحزب بشكل لافت في عضوية اللجان المختلفة ولهن دور فاعل في توصياتها وقراراتها ، إذ يشكلن نصف أعضاء لجنة الشباب والمرأة ونصف أعضاء لجنة التنظيم والتثقيف الحزبي إضافة إلى عضوية سيدتين في اللجنة السياسية وواحدة في اللجنة الإعلامية ، ناهيك عن تنوع العنصر النسائي في الحزب من حيث الأعمار والمهن والمستوى التعليمي والإختصاص .
الأمر ليس منوطا بالنساء وحدهن ، ولكنها مسؤولية دولة بكل مكوناتها لتفعيل دور الأحزاب وإعطائها فرص المنعة والتأثير ، بعد أن ثبت بالوجه القاطع أن لا تنمية شاملة دون ديموقراطية حقيقية ولا ديموقراطية دون تعددية عمادها أحزاب قوية ولا أحزاب قوية دون مشاركة فعلية من جناحي المجتمع الرجل والمرأة ، إذ لا يمكن لطير أن يرتفع دون جناحين متكافئين في القوة متناغمين في الحركة .