مجلس النواب .. المطلوب "رأس النسور" لا رأس من قتل زعيتر
16-03-2014 06:17 AM
عمون – وائل الجرايشة – يبدو أن كرة النار التي رماها مجلس النواب في أحضان الحكومة والمتمثلة بالمهلة الزمنية لاتخاذ موقف من قضية مقتل الشهيد رائد الزعيتر بدأت تتدحرج وترمي بشررها صوب البرلمان أيضاً.
امهل النواب الحكومة حتى بحر الأسبوع الحالي للإجابة عن أسئلة ومقترحات ومطالبات تقدموا بها في جلسة الأربعاء الماضي، حصرها رئيس الوزراء عبد الله النسور في (9) بنود وهو يتحدث أمام كتلة الإصلاح النيابية مساء الخميس الماضي خلال دعوة اقامها عضو الكتلة معتز أبو رمان.
• تياران:
بدأت تظهر بوادر الاختلاف النيابي في تقييم مسألة طرح الثقة بالحكومة التي ربطها المجلس بمدى تعاون الحكومة مع تلبية مطالبهم ومقترحاتهم.
داخل مجلس النواب يتحرك الآن تياران يسابقان الزمن بهدف كسب التأييد قبل يوم الثلاثاء المقبل وهو الموعد المحدد المُنتظر فيه أن تُقدم الحكومة ردّها على توصيات البرلمان.
فالتيار الأول يدفع بقوة للإطاحة بالحكومة وينقسم هذا التيار الى فريقين بين من يريد الضغط على الحكومة بهدف التعاطي مع استشهاد الزعيتر بأعلى درجات القوة والمسؤولية ويرى في ذلك موقفاً مُحقاً يجب أن يُتخذ كما انه يساهم في دفع الصاق تهمة "التخاذل" عن البرلمان والتساهل مع السلطة التنفيذية، فيما يؤازره فريق يضمر "الخصومة" الأزلية للحكومة التي رافقت انطلاقة المجلس (السابع عشر) ويطلب هذا الفريق الذي يجد الوقت سانحاً بـ"رأس النسور" السياسي لا رأس الجندي الذي قتل الزعيتر.
أما التيار الثاني فبدأ يتشكل منذ الخميس الماضي ويهدف إلى "نزع" فتيل الأزمة التي اندلعت مجدداً بين مجلس النواب والحكومة، وهو يضم نواباً أميلُ في "قلوبهم" و"سيوفهم" إلى المدافعة عن السلطة التنفيذية وعلى رأسها شخص النسور، حيث أنهم حلفاء (جدد قدماء) للرئيس ورصيد لمن يستظل بظلهم.
الارتباك بدا واضحاً خلال الايام الماضية على رئيس الحكومة وفقدت تصريحاته جزءاً من "توازن المجاملة" المعهودة عنه، وبانت مساحات من العتب الكبير عما جرى برلمانياً وصلت حد ابداء الإنزعاج بخلاف كل أزمات الرئيس السابقة حيث تجاوزها بكثير من الهدوء والتماسك، فوصف الرئيس خلال دعوة أبو رمان المسألة الجارية بأنها "لا تحرجه شخصياً بقدر ما تحرج المملكة".
النسور طالب بأن "يطيح" البرلمان بحكومته على أمر غير هذا، وعرض تفاصيل دقيقة قبل أن يكاشف الحضور بخطورة الإقدام على خطوة طرح الثقة بحكومته وربطها بشؤون محلية وإقليمية وصلت حد التذكير بـ"الكونغرس" الامريكي وردود فعله إن نفّذ شروط النواب، وتساءل النسور إن كان من سيأتي بعده سيلبي تلك الرغبات التي ستجد طريقاً صعباً في التطبيق على أرض الواقع.
• النسور يلتقي الطراونة:
والتقى رئيس الوزراء النسور السبت برئيس مجلس النواب عاطف الطراونة، بهدف وضع سيناريوهات للتعامل مع الموقف (الحكومي – النيابي) إزاء تداعيات مقتل الشهيد القاضي رائد زعيتر على يد جنود الاحتلال.
المعلومات حول اللقاء شحيحة وإن كان الاتفاق الذي سعت الحكومة لإبرامه يتضمن مبدأ إرجاء طرح الثقة بالحكومة ضمن شروحات ستقدمها أمام مجلس النواب، وهو الأمر الذي يُحبذه الطراونة طالما كانت هنالك خطوات عملية على أرض الواقع قد بدأت فعلياً.
الطراونة يرى في اللجنة المشتركة وفتح تحقيق في النيابات العامة الأردنية واستعداد الحكومة اللجوء الى المنظمات الدولية، أرضية يمكن البناء عليها لتحقيق مطالب أخرى بانتظار النتائج بدلاً من التسرع نحو طرح الثقة الذي قد لا ينجح فيوقع مجلس النواب بحرج.
• تهديدات جدية ومساع لإرجاء الثقة :
وبحسب مصادر حكومية فإن رئيس الوزراء يتعامل مع تهديدات النواب ب"جدية" وبدأ يستعين بوزرائه وكبار مستشاريه لوضع الخطط المناسبة للتعامل مع جلسة مجلس النواب التي ستُعقد مساء الثلاثاء، فيما المحت تلك المصادر لـ عمون أن الرئيس قد يستعين بخطتين (أ) و (ب) في سبيل تجاوز الأزمة الحادة.
المصادر التي لم تُفصح عن مضمون الخطط التي لن تخلو من الإستعانة ب"صديق"، تشير إلى أن الحكومة تعد بياناً للرد على مطالب النواب وتجهزة بكثير من الدقة والعناية.
وستبدأ جلسة الثلاثاء بكلمة لرئيس مجلس النواب عاطف الطراونة يتبعها اسناد الحديث لرئيس الوزراء عبد الله النسور ليتلو رده على النقاط التسع التي اوردها المجلس خلال جلسته يوم الاربعاء الماضي والتي ربطها بطرح الثقة.
حجر الزاوية الذي سيرتكز عليه رئيس الوزراء "لجنة التحقيق المشتركة" التي ستُحدد النقاط اللاحقة الممكن إتخاذها، وهو مطلب وافقت عليه الحكومة الأردنية ومن بعدها الحكومة الإسرائيلية بعد أن اقترحه أعضاء في مجلس النواب .
وسيستند النسور على ما سبق بُغية الطلب من مجلس النواب إرجاء التصويت على طرح الثقة بالحكومة، وهي مهلة سيجدها بعض البرلمانيين والمتعاطفين مع الرئيس ومن خفّ حماسهم عن السابق "منطقية" وربما يتجاوبون معها لـ"فكفكة" الأزمة.
* مواقف متباينة :
توقعت مصادر نيابية في حديثها لـ عمون أن تخرج اصوات نيابية تطالب بالتصويت على حديث رئيس الوزراء بهدف تحويل بنودها إلى لجنة نيابية للنظر فيما تتضمنه، خاصة وأن النقطة الهامة التي سيتمسك بها رئيس الوزراء "الاستمهال مجدداً إلى حين خروج نتائج التحقيق المشترك الذي طلبتموه (أي مجلس النواب)".
يقول أحد النواب البارزين المقربين من الحكومة لـ عمون "لا نريد الذهاب لطرح الثقة بالحكومة لأنه يحتاج الى 76 نائباً وإن لم ننجح في ذلك "سننحرق" في الشارع، خاصة وأن الرئيس غير متحمس للمطالب".
يضيف النائب " لا نريد الوصول الى التصويت على الثقة فهو أمر حساس اذا لم تُستكمل المهمة كما يطمح الشعب أو يحب أن يرى"، ويؤكد ضمن تجارب سابقة ماذا يمكن أن يحصل .
ويقول وهو في حيرة "اذا طلعت من الجلسة أو غبت عنها دون عذر (سفر) فساحسب على المانحين للثقة بالحكومة ولن يغفر لي الشارع"، ويتابع" الأفضل لي الحضور وهنا مأزق آخر ؟!، فالأنجى ألا نصل لهذه الخطوة حماية للمجلس لا حُباً بالحكومة".
على الصعيد المقابل كان النائب عبد الكريم الدغمي أبرز المتحمسين لطرح الثقة بالحكومة وهو الذي اقترح منح الحكومة مهلة الاسبوع غداة يوم من كلمة حماسية هاجم فيها "العدو الاسرائيلي" وامتدح القاضي الزعيتر الذي كان يعرفه، وقد دعا الدغمي النواب التوقيع على حجب الثقة دون مهادنة وإلا "فلنضب أورقنا" مبدياً خشيته من "الفضايح" بسبب حوادث سابقة مشابهة.
الدغمي انتقد في حديث لشبكة (CNN) عربية رئيس الوزراء... واعتبر مشاوراته مع النواب مراوغة وهاجم موقف الحكومة بشدة، وبحسب معلومات "عمون" فإن الدغمي ابدى امتعاضاً مما تسرب عن لقاء النسور في دعوة أبو رمان بل تناهى إلى مسامعه غير ما نُشر بأن هنالك هجوماً شخصياً على مطلقي مبادرة طرح الثقة الامر الذي نفاه اكثر المدعوين .
أبو رمان قام بدورٍ أو ربما تبّرع شخصياً لشرح الموقف والتخفيف من حدة التوتر، حيث اتصل بالدغمي نافياً أن يكون النسور قد تحدث ضمن الإطار الذي نُقل إليه، مستشهداً بجميع الحاضرين ومتمنياً أن تكون الأمور في سياق وضعها الطبيعي.
ربما تحمل الأيام القليلة المتقلبة "جوياً" تقلبات في المواقف ناحية التشدد عند البعض أو التساهل عند آخرين، دونما اغفال أن هذه الأزمة هي أكثر الأزمات التي تعصف بالحكومة وتدخلها في حالة قلق وأرق شديدين.