أزمة زعيتر .. من يدفع ثمنها السياسي؟
سميح المعايطة
16-03-2014 01:43 AM
سواء أكان هناك أزمات او لم يكن، فان مجالس النواب تعيش تحت ضغط شعبي واعلامي سببه اﻻساسي صورة مجالس النواب المتوارثه. وكل مجلس يأتي يقع تحت هذا الضغط ويكون متهما بالضعف والتبعية للحكومات . ولهذا عندما تأتي اي مواجهة مع اي حكومة فان مجلس النواب يظهر حاملا المواقف اﻻكثر تشددا ونرى هذا في مواسم الثقة والموازنة حيث الخطابات القاسية والعنيفة على الحكومات، لكن المحصلة ان المواقف والتصويت مختلف تماما عن مجرى الحديث وهذا ماكان مع اكثر من مجلس وحكومة .
الصغط الذي تعيشه مجالس النواب تحوله الى ضغط على الحكومات احيانا لكنه ضغط خطابي لأن المجلس عندما يصل الى سقوف الضغط يجد نفسه امام قناعاته او اشياء اخرى فمجالس النواب في داخلها قناعات سياسية اخرى تتعلق بالمصلحة في اسقاط كل حكومة او رد كل موازنة .
في قضية مثل جريمة قتل رائد زعيتر فان مجلس النواب يعبر عن قناعات شعبيه بان كيان اﻻحتلال الصهيوني يجب ان يدفع ثمنا لجريمته والحكومة تدرك ان هناك ضرورة لموقف يرضي الناس ويكون بحجم الجريمة لكنها ليست متفقه في شكل العقوبة وبخاصة ما يتعلق بالمعاهدة وقطع العلاقات ولهذا دخلت الى مجلس النواب ببيان ادانة قوي ﻻيقل في مضمون اﻻدانة عن مواقف اخرى، ومعها اعتذار او اسف من حكومة اﻻحتلال عما جرى، لكن المجلس ذهب الى ما هو ابعد من خلال قائمة الشروط والمهلة او الهدنة مع الحكومة لمدة اسبوع لتنفذ المطالب، وكان مجرد الهدنة يعني فتح الباب للتفاوض او الحلول الوسط او ربما ﻻشياء اخرى .
مهلة المجلس تعني امكانية التصويت على الثقة بالحكومة، وحتى ان حدث التصويت فليس بالضرورة ان يعني رحيل الحكومة، ولنتخيل مثلا ان الجمود بقي وتم التصويت وبقيت الحكومة، عندها سيقع كل الثمن على المجلس وستعزز القناعة بان سقف المجلس خطابي .
لكن لو توقفنا عند مطالب المجلس فان بعضها ما ﻻ تملكه الحكومة فقط، بل المجلس ايضا واعني معاهدة السلام اي قانون المعاهدة الذي يملك المجلس آلية للتصويت عليه والغاء المعاهدة ان قرر المجلس ذلك وسيتبع هذا ضمنا اغلاق سفارة اﻻحتلال وعودة سفيرنا.
لكن الجميع على قناعة بان الذهاب الى نهاية اﻻمر في ملف المعاهدة ليس امرا سهلا بل له تبعات كبيرة تتجاوز حدود العلاقة بين المجلس والحكومة، وحتى اﻻفراج عن الجندي الدقامسة فانه حديث عن حكم قضائي ﻻتملك الحكومة وحدها اتخاذ قرار بانهائه فهو يحتاج الى عفو خاص او ليكون جزءا من عفو عام ، وما تملكه الحكومة مباشرة هو طرد السفير اﻻسرائيلي وهو قرار ﻻيعني بالضرورة قطع العلاقات الدبلوماسية بشكل كامل بل هو اجراء تصعيدي بين الدول .
ربما الفرق بين الحكومة واي جهات اخرى ان الحكومة تعلم جيدا انها ستتحمل كسلطة تنفيذية تبعات قطع العلاقات الدبلوماسية في معادلة علاقات اﻻردن الدولية، ولهذا عندما حكم اﻻخوان المسلمون مصر عاما كاملا لم يمسوا العلاقات مع كيان اﻻحتلال ولم يطردوا سفيراﻻحتلال بل ارسلوا سفيرا مصريا الى تل ابيب .
قضية المعاهدة والسفير ستبقى تظهر مع كل ازمة تخص الملف الفلسطيني وممارسات كيان اﻻحتلال، وربما من الضروري ان ﻻيكون طرحه مع كل قضية ﻻن المطالبات التي ﻻتتبعها استجابات تحول المطلب الى قضية شكلية، وبخاصة ان البعض ﻻيتحدث به اﻻ ضمن معادلة العلاقة مع الحكومة وليس على ارضية الموقف الجذري من المعاهدة، مع اﻻشارة الى وجود مواقف ترفض مبدأ المعاهدة .
تابعنا العديد من التحليلات عن خيارات اﻻسبوع وهي دقيقة من حيث القراءة السياسية والدستورية لكن اﻻمر قد يكون مرتبطا ايضا بقراءة صاحب القرار لمستقبل الحكومة او اداء النواب او للقضية كلها، وهل يستوجب اﻻمر دفع اثمان سياسية مثل رحيل الحكومة او اتخاذ خطوات دبلوماسية من العيار الثقيل تجاه اسرائيل ، ويكون الدفع ليس في اول لحظات القضية بل بعد اكثر من اسبوع .
اسئلة قد تكون نهايتها حلا وسطا او حلا اداريا تكتيكيا، او ربما ترك المجلس يجد الحل للسقف المرتفع من المطالب والشروط التي ألزم نفسه بها وجعلها شرطا مقابل استمرار الحكومة .
الحكومة بعد حوالي 18 شهرا من وجود الرئيس على راسها في وضع يختلف عن مجلس امضى حوالي عاما من عمره، ولهذا فالحسابات عديدة لكن ربما يكون الحل سهلا وبسيطا لكن هنالك ثمنا سياسيا سيدفعه طرف ما، ربما ليس هذا اﻻسبوع .
(الرأي)