تفاقم المديونية التأجيل ليس حلاً
د. فهد الفانك
16-03-2014 01:41 AM
ارتفع حجم الدين العام خلال العام الماضي بمقدار 5ر2 مليار دينار، وهو رقم قياسي لم يسجل من قبل.
مع ذلك فإن عجز الموازنة العامة لم يزد عن الحد المقرر وهو 1ر1 مليار دينار، غطيت بقروض وسندات. لكن الحكومة لم تكن تقترض لسد العجز في موازنتها فقط، بل لسد العجز في شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه اللتين خسرتا في عام 2013 ما يناهز 5ر1 مليار دينار لم تذكر ضمن النفقات الجارية للحكومة.
بهذا تكون الحكومة قد اقترضت ما يعادل 5% من الناتج المحلي الإجمالي لأغراض الموازنة المركزية، وحوالي 5ر6% لتمويل دعم الكهرباء والماء، أي ما مجموعه حوالي 5ر11% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي حالة غير مقبولة وغير قابلة للاستمرار ولم يسجل الأردن مثيلاً لها.
تشير تركيبة الاقتراض إلى أن معظم المديونية الجديدة كانت خارجية بالدولار، فلم تقترض الخزينة من البنوك المحلية خلال السنة إلا 214 مليون دينار، في حين بلغ الاقتراض الخارجي 3ر2 مليار دينار (25ر3 مليار دولار).
من شأن هذه الحالة الشاذة بروز نتائج تستحق الوقوف عندها، أولها أن الموازنة العامة التي تصدر بقانون لم تعد تعبـّر عن المركز المالي الحقيقي للدولة، فلا بد لإظهار الحقيقة من إعداد موازنة موحدة للقطاع العام تشمل المؤسسات الحكومية.
وثانيها أن الحكومة لا تحتاج ولا ترغب في الاقتراض من البنوك المحلية طالما أن القروض الخارجية والكفالات الأميركية تؤمن احتياجات الموازنة، وبالتالي فإن من المحتمل أن لا تقترض الحكومة محلياً سوى المبالغ اللازمة لإطفاء ما يستحق من سندات، مما يرفع سيولة البنوك ويزيد رغبتها في اجتذاب المقترضين المؤهلين، فلم تعد الخزينة هي العميل والمقترض المفضل للبنوك إلا بقدر ما تكفل شركة الكهرباء الوطنية وسلطة المياه لتمويل خسائرهما.
ومن نئائج استدارة الحكومة للاقتراض الخارجي ارتفاع المديونية بالعملات الأجنبية خلال سنة 2013 بنسبة 47% لتتجاوز 10 مليارات من الدولارات، وهو مبلغ يزيد عن مديونية الخزينة عند وقوع أزمة 1989 عندما وقع الفاس بالراس وتم اللجوء إلى صندوق النقد الدولي.
الحكومة تفهم هذه الصورة التي تدعو للقلق، لكنها تفتقر إلى خطة أو رؤية للتعامل معها، ومرور الزمن يفاقم المشكلة ويقع في باب تأجيل مواجهة الحقائق.
(الرأي)