مهنة التعليم بين العرض والطلب
مثقال عيسى مقطش
16-03-2014 01:22 AM
عندما اكتب عن التعليم ، تحضرني في الذاكرة حقيقتان الاولى جواب رئيس وزراء اليابان على سؤال هو : لماذا نتميز عن غيرنا في نوعية التعليم ؟ فأجاب : لأننا نعتبر المعلم وزيرا ! والثانية عندما طالب الاطباء والمهندسون في المانيا بتمييزهم عن غيرهم في مستوى الرواتب .. فأجابتهم مستشارة الدولة : كيف اجعل رواتبكم اعلى من رواتب المدرسين الذين علموكم !!
ايام معدودة وتنتهي السنة الدراسية .. وتبدأ وزارة التربية والتعليم وكافة المديريات المرتبطة بها بالاعداد للعام الدراسي الجديد . وعودة قليلة الى الوراء ، فانها تذكرنا بنقص المعلمين في عدد من التخصصات ومدارس المحافظات خلال الاسابيع الاولى من كل عام دراسي ! وخلال فصل الصيف ، تتواصل حالات التعاقد مع المعلمين والمعلمات ، وتحضر البعثات المتخصصة من دول الخليج وغيرها بهدف استقطاب اعداد لا باس بها من كوادرنا التعليمية الكفؤة ! وهكذا وضع يقودني الى التوقف عند عدد من المحاور ومن ضمنها :
اولا : ان بعثات التعاقد مع الهيئات التدريسية والاكاديمية القادمة من دول الخليج وغيرها تعمل ضمن برنامج مقابلات وامتحانات ومواصفات تأهيلية مبرمجة . وان الجهات التي وضعت هذه المتطلبات ، قد اخذت بعين الاعتبار المستويات التعليمية والخبرات العملية والقدرات المتوفرة في السوق المحلية . وبالنتيجة ، فان الحالات التي يتم التعاقد معها هي في غالبيتها من الكفاءآت المميزة في قدراتها وخبراتها ومؤهلاتها .
ثانيا : صحيح ان فتح الابواب امام العمالة الاردنية والتحاق الالاف من المعلمين الاردنيين بعملهم خارج الوطن ، له انعكاساته الايجابية على دخل العائلات ذات العلاقة ، وبالتالي يؤدي الى تحسين اوضاعهم المعيشية والاجتماعية . كما يسهم الى حد ما في زيادة الحوالات المالية من الاردنيين المغتربين ، الا انها قد تؤدي الى حدوث نقص في عدد المعلمين والمعلمات في بعض المدارس والتخصصات التي تحتاجها مدارسنا .
ثالثا : ان استيعاب الجوانب الايجابية والسلبية للتعامل مع بعثات التعاقد الخارجية ، يستدعي وضع استراتيجية عمل يتحقق من خلالها الابعاد التالية :
- تحديد النسبة ، وطبقا لنوع المؤهلات والخبرات والجنس ، التي يمكن السماح بالتعاقد معها سنويا ، ومن خلال الاخذ بالاعتبار ضرورة تهيئة البدائل .
- اعادة النظر في الحوافز الاجتماعية والاقتصادية لمهنة التعليم ، واقرار رواتب تنناسب مع حجم ونوع الجهد الذي يبذله المعلم في تخصصه بهدف تشجيعه على الثبات في موقعه ، طالما اعترفنا ان هذه المهنة لها ظروفها الخاصة .
- اعادة النظر في عدد سنوات الخدمة اللازمة لاستحقاق التقاعد للمعلمين والمعلمات ، وان تكون اقل مما هو مطبق على العاملين في القطاعات العامة الاخرى . وبالتالي فان طبيعة المهنة ومتاعبها وظروفها هي التي تبلور الاحكام المتصلة بحوافزها المادية ، وشروط تقاعداتها .
وبقي من القول : ان استثماراتنا في التعليم وكوادرنا التعليمية ضخمة ، وان طبيعة المهام المناطة بهم ، تستدعي اعادة برمجة وتقييم وتصنيف للمزايا والحوافز المرتبطة بها بهدف اخضاع مهنة التعليم لمقومات التوازن الهادف بين العرض والطلب !