جرت عادة التجار على اختلاف مستوياتهم أن يبيعوا بضاعتهم وفق آلية عروض مغرية لاستقطاب الزبائن، وترويج بضائعهم لجني الأرباح، ومن أمثلة تلك العروض: اشتر واحداً واحصل على الثاني مجاناً... وقد أغرى هذا الوضع بعض الأكاديميين المتنفذين وغير المتنفذين فاستخدموا هذا النمط مع شيء من التعديل والتحوير ليكون الحلّ لما يطرأ من مشكلات قد تعترض سير العملية التعليمية، ونمثل لهذه العروض الأكاديمية بمثالين اثنين:
الأول: حين قبل طلبة الثانوية للدورة الشتوية زجّ ببعضهم في شعب مضى على التدريس فيها خمسة أسابيع وقد بدأت بالفعل الاختبارات الأولى لتلك الشعب، ولم يكن لدى الطلبة الجدد الفرصة لتقديم هذه الاختبارات! فما العمل؟ وكيف يتم تعويض الاختبار الأول لهؤلاء الطلبة؟
لقد جاء حلّ هذه المشكلة عند هؤلاء الأكاديميين على أساس: قدّم الاختبار الثاني لتحتسب درجته عن اختبارين: الأول والثاني، بمعنى قدّم اختباراً واحداً واحصل على الثاني مجاناً، يعني: إذا حصل الطالب في الاختبار الثاني على 25 درجة ترصد له علامة الاختبار الأول الذي فاته، ولم يستطع إدراكه 25 درجة كذلك، وهذه منحة قيمة، وهبة سخية للطالب في بداية مسيرته الأكاديمية. لكن، أين العدالة حين يحصل الطالب في الاختبار الثاني على خمس درجات من خمس وعشرين، كيف ترصد له درجة الاختبار الأول خمس درجات!! أليس في هذا العرض ظلم للطالب، وإجحاف بحقه وحق العدالة التي هي من قيم التعليم؟ كيف يسمح بأن يفجع الطالب أو يصدم من أيامه الأولى في الجامعة بهذا العرض؟ إن الأعراف الأكاديمية توجب توفير الجوّ المناسب لكي يتقدم الطالب لاختبارين اثنين، وليس واحداً مضروباً في اثنين!
الثاني: عرض أكاديمي آخر، وذلك حين تعجّ قاعات الدراسة بالطلبة، فالقاعة التي تتسع لسبعين طالبا مثلاً يحشر فيها تسعون طالباً بناءً على أنّ الطلبة لا يحضر جميعهم دائماً، فيستثمر الغياب للزجّ بأعداد فوق سعة القاعة الاستيعابية، ومن شأن هذا أن يفرض على عضو هيئة التدريس أن يقدم عرضاً للطالب فيخير الطلبة بالقول: من شاء أن يحضر فليحضر، ومن شاء أن يغيب فلا إثم عليه، ولا يسجل له غياب ولا يعاقب عليه! ولربما اضطر عضو هيئة التدريس أن يقدّم هذا العرض، إذ كيف يدرّس الطلبة بهدوء في هذا الجو المزعج، والضجيج الكبير! فهل أصبحت العروض الأكاديمية حلولاً بديلة عن الأنظمة والتعليمات الجامعية أو عن معايير الاعتماد تدفع إليها رغبات الأكاديميين متنفذين وغير متنفذين!!