قانون المطبوعات والنشر .. ومسؤولية النواب والوطن
فايز الاجراشي
04-03-2007 02:00 AM
... لا احد يعرف سر الهجوم المفاجئ الذي شنه بعض النواب على الصحافة والاعلام بشكل عام، فاعادة السيرة الى الحقبة الماضية من الاعلام الذي انتهى وولى امر غريب ان يثيره النواب تحت القبة وفي مجلس تشريعي المفروض به ان يكون باب الديمقراطية والحرية والحياة.اعادت المطالبة بانشاء وزارة الاعلام تحت القبة هذا الامر بحد ذاته يعتبر اساءة للديمقراطية التي خطاها الاردن وخصيصا الصحافة التي اصبحت تفتخر بالانجازات التي حققتها على مدار سنوات طويلة.
ما اثاره النواب عندما ناقشوا قانون المطبوعات والنشر ووضع شرط اعادة وزارة الاعلام لم يكن مفهوما ولا مهضوما ويتنافى مع ادنى درجات القبول لدى الشارع الاردني الذي رأى في هذه الخطوة تصرفا غير ديمقراطي ولا دستوري.
ولعل استغراب الشارع العام والمواطن جاء بعدما طرح هذا الامر من قبل شخصيات برلمانية كبيرة ومعروفة ولا تحسب على تيار معين لانها تمثل نفسها.
ولكن الحزن والاسى والصدمة جعلت المواطن الاردني يفقد الثقة حتى بأولئك الذين اعتقد لوهلة انهم يمثلون الحرية الاردنية التي يمكن عقد العزم عليها وعلى اراءها ولكن اسف المواطن جاء بصدمة وبرغبة ان يعرف سر ميول هؤلاء النواب بالهجوم بهذا الشكل على الحرية والديمقراطية التي لطالما تشدق بها بعضهم وكان بعضها عنوانا لحملاته الانتخابية.
عملية التضيق على الحريات الصحفية بقوانين صارمة وغير منصفة تجعل الاردن يبدوا انه متخلف في الركب في نفس الوقت الذي يدعوا فيه جلالة الملك الى التقدم والاصلاح والالتحاق بالحضارة التي اصبحت في صفوف بعيدة عنا وفي زمن انتهت فيه عصر الرقابة والتدقيق واصبحت الكرة الارضية غرفة مفتوحة او قرية.
لعل العلاقة السيئة التي ساءت في الفترة الاخيرة ما بين النواب والصحافة هي المحرك الرئيسي الذي جعل بعض النواب يعتقد انه ينتقم لنفسه من صحيفة او صحفي انتقده او كتب خبرا يكشف فيه فسادا.
ولكن لعل النقطة التي غابت عن بعض السادة النواب ان قانون الحريات لا يرتبط بشخص بعينه ولا بصحفي او صحيفة فهذا امر يخص الاردن كله والحرية في النهاية هي للديمقراطية وقد يذهب الصحفي وقد يذهب النائب ولكن الوطن وسمعته هي الباقية وهي التي يجب ان تقاس عليها الامور.
والحكومة هي الاخرى مقصرة في هذا الموضوع فكان يجب عليها ان تضغط باتجاه دعم قانون عصري يتناسب مع الحياة السياسية والديمقراطية التي يعيشها الاردن وكي تقنع الرأي العام المحلي والعالمي انها جادة في اعطاء الصحافة الحريات ونحو تطوير التشريعات القانونية وانها تتماشى مع تعليمات جلالة الملك في السير بقوة نحو الاصلاح الذي طالما تحدث عنه وحث الحكومة على العمل به والاسراع في التشريعات والتطبيقات التي تدعمه وتجعله سهل ويمكن تطبيقه على ارض الواقع بعيدا عن شعارات لا تسمن ولا تغني من جوع.
ما يدعوا له بعض السادة النواب من اعادة رقابة «الغول» وزارة الاعلام لا يمكن لعقل ان يرضى به بعد التطور الهائل الذي حصل في مجال الاتصالات وسقوط الرقابة وبعد كل هذا الكم الهائل من الحريات الاعلامية التي عاشتها الاردن.
فلا يمكن ان نعيد عقارب الساعة الى الوراء وخاصة ان الاعلام الاردني اظهر حسا وطنيا مسؤولا بعد ان خففت هذه الرقابة الحكومية وهذا يؤكد ان العملية تحتاج الى ان يتقدم القطاع الخاص ويحل محل القطاع العام نحو الخصخصة وترك تنسيق العمل الاعلامي يتم وفق اسس الحرية والديمقراطية.
ولا شك ان عمل الحكومة يبقى في مجال انشاء جهاز اعلامي اداري ينحصر في تنظيم اعطاء الرخص والتنسيق الاعلامي بشكل عام بعيدا عن التسلط والرقابة والبيروقراطية التي عفى عليها الزمان ويتناقض تماما ما يدعوا له جلالة الملك من الاصلاح السياسي والاقتصادي والاعلامي.
ولا شك ان النواب الذين ارادوا ان يعارضوا ويبدوا انزعاجهم من الصحافة وخاصة الاسبوعية منها لديهم مشاكلهم الخاصة بهم وعليهم ان يعالجوها بعيدا عن القبة وبعيدا عن الاردن وحرياته وديمقراطيته فنحن كصحفيين لن نرضى ان نعيد الزمان ولن نتخلى عن مكتسباتنا التي حققناها على مدار سنوات وحصلنا عليها بالعرف والدم كرمال نائب لا يحب الصحافة ولا يرضى ان تأخذ حقها وحريتها.. لانها تفضح المستور ولان الحقيقة مرة.. فالشمس لا تغطى بغربال فايز الاجراشي - رئيس تحرير صحيفة الاخبارية الاردنية الاسبوعية