لا شك أن وجود الاحزاب السياسية في اي بلد كان أصبح يُعتبر جزء أساسي من مفاصل الحكومة الحديثة ، و أصبح أمرا صحيا محمودا ، و الاردن كغيره من الدول الحديثة تنبه الى هذه النقطة و اطلق العنان للتعددية الحزبية و أنشئ قانون الاحزاب بتوجيهات من جلالة الملك ، حيث يُعتبر هذا القانون ( مع تعديلاته الاخيرة ) من أفضل القوانين الموجودة على مستوى المنطقة العربية من حيث مواده و شفافيته و انتهاءا بنتائجه الايجابية التي ظهرت على الساحة و لله الحمد . و لا شك أيضا أن هذه التجربة الاردنية الرائدة أدت الى حدوث حراكا سياسيا إنعكس بشكل ايجابي على الوضع الداخلي ، و أعطت المزيد من الحرية للأفراد و الجماعات للتعبيرعن آرائهم و توجهاتهم بشكل حر و ديموقراطي ،
و قد حرص جلالة الملك من خلال خطاباته و توجيهاته الدائمة على ضرورة تفعيل العمل الحزبي من خلال إنشاء ثلاثة تيارات قومية ودينية و وطنية تنضوي تحتها الاحزاب وذلك بهدف تقويتها وجعلها برامجية وتمكينها من ممارسة دورها الفاعل في المجتمع .
أعتقد أن كل هذا وضع الكرة في ملعب الاحزاب لتقوم الان بدورها المرجو و المنشود ، و بناءا عليه ( و حسب رأيي الشخصي ) فإن أي حزب يرنو الى النجاح لا بد أن يُراعي النقاط التالية :
أولا - الايمان بمبدأ الأردن أولا ، لذلك يجب دائما تغليب الانتماء للأردن على أي انتماء حزبي مهما يكن ، فالأردن أولا و ثانيا و ثالثا ، بالاضافة الى المحافظة التامة على أمن و سلامة البلد و المواطن ، فالأولوية للوطن و ليست للأحزاب أو للشراكات الحزبية .
ثانيا - احترام الدستور ، و الالتزام التام و الكامل به ، و اعتباره المرجعية التي يستند عليها الحزب ، و الفاصل في كل ما قد يطرأ أو يستجد من أمور أو تطورات على الساحة ، و ان تتماشى نشاطات الحزب مع النظام و القانون ، و تعتمد مبدأ احترام الهيئات و الكفاءات ، بالاضافة الى عدم الالتفاف على مؤسسات الدولة أو تجاوزها .
ثالثا - فهم و استيعاب المجتمع الاردني بكافة شرائحه ، و عدم التشكيك في وطنية أو انتماء أي طرف ، أو محاولة الحزب ( إحتكار ) الوطنية لنفسه ، بالاضافة الى العمل على صهر جميع هذه الشرائح ضمن الحزب ليقوموا بتأدية دورهم المطلوب و الفاعل في المجتمع .
رابعا - أن يكون هدف الحزب خدمة البلد و المواطن - بعيداُ عن أية أفكار صدامية أو توجيهات و أفكار خارجية .
خامسا - إن نجاح أي حزب يُقاس بما يقدمه للمواطن من إنجازات على أرض الواقع ، و ليس بما يقدمه من شعارات ، لذلك يجب الانصراف عن طرح الشعارات الطنانة و عدم تغليب الطابع الحماسي والانفعالي و تكثيف الجهود للعمل الجاد .
سادسا - عدم محاولة استيراد انماط حزبية تتنافى و تتعارض مع طبيعة و خصوصية مجتمعنا ، فلكل مجتمع خصوصياته و ظروفه و تركيبته ، و يجب العمل بشفافية و في الضوء و العلن لا في الغرف المظلمة .
سابعا - الاستعداد التام للتعاون مع كافة التيارات الاخرى لخدمة الوطن و المواطن ، و اعتماد مبدأ ( أن اختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية ) ، و عدم تحويل الخلافات الى مخالفات ، و استيعاب مبدأ الرأي و الرأي الآخر و العمل به ، و القبول بالحلول الوسطية كسبيل للخروج من الخلافات في حال حدوثها ، و إعمال العقل في الطرح و تقبُل النقد .
ثامنا - تفعيل الممارسة الديموقراطية داخل الحزب نفسه و بث الفكر الديموقراطي و روح التسامح و الاخاء ، و التميز بخطاب ديموقراطي متزن و سياسة منفتحة ، و انتقاء الكوادر المتميزة القادرة على العطاء .
تاسعا - أن يُقدم الحزب خطة عمل منهجية و علمية واضحة ، و أن يُوضح آلياته في التنفيذ ، و أن يكون دوره مكملا و داعما و مساعدا لعمل مؤسسات الدولة .
عاشرا - الابتعاد عن الطلاسم السياسية عند مخاطبة الجمهور ، و عدم استغلال العامل الديني و العاطفي لاستثارة الناس بهدف تحقيق مصالح حزبية .
أعتقد أن هذه النقاط هي جزء اساسي يجب على اي حزب الالتزام بها إذا كان فعلا يسعى الى تنمية المجتمع و خدمة الوطن .
yousco1@yahoo.com