يعتقد الكثير من الناس الى أن السياسة هي ميدان خاص برجال الحكم, وزعماء الهيمنة, وأقطاب التسلط على رقاب الناس, وبالتالي فإن ميدانها الهيمنة على الحكم والتحكم برقاب الشعوب , واستخدام القوة, والعنف, والاستثراء, والإقصاء, والتشريد, من اجل تحقيق الغايات الكبرى من هذا العلم (السياسة) في التفرد بمقادير المجتمع. وهذا ما ينطبق على الحال السياسي فى معظم أصقاع الوطن العربي ومنة وطننا الأردن.
فالسياسة وأهدافها هو حياة الناس وإدارة المجتمع لغرض تحقيق الاستقرار في كافة المجالات التي ينشدها الإنسان على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والعملية, ومن ثم تحقيق الرفاه لأبناء الوطن , والاستقرار للإنسان وللمجتمع, وهذا يتطلب (آلية) التي يمكنها جلب هذا الاستقرار وتحقيق الرفاه وتشييد البناء على أساس السعادة والإسعاد هي (محبة) السياسي (للمواطن) وخدمته له كائنا من كان, وتفانيه في توفير ما يصلح شأن الإنسانية, والعمل على البناء وليس الهدم, الأمر الذي يتطلب منه أن تتوفر فيه مقومات نفسية عالية, تلك التي تشكل قوام شخصيته, وتتجلى تلك المقومات بجمالية (الخلق الرفيع) وكماليته واخلاصة لوطنه ولامته , وهذا ما تمثل فى مواقف بعض السياسيين الأردنيين من أمثال المرحوم الشهيد وصفى التل والمرحوم الشريف عبد الحميد شرف ودولة عون الخصاونة اطال اللة فى عمرة
ولهذا فإن الخلق الرفيع والوطنية الصادقة مثلت (الأرضية) التي انطلق منها هؤلاء السياسيون في خدمة وطنهم الأردن والتي أسست لها طبيعة منطلقاتهم الوطنية حيث حددت مسارهم في العمل والتصرف والتفكير,وعلى هذا الأساس بنيت في شخصيتهم أرضية خاصة من مجموع تلك المنطلقات الوطنية التي يُصطلح عليها في علم السياسة بـ (الغايات) التي تحركوا باتجاهها على اختلاف مشاربهم ومآربهم في الحياة لكن مصالح الاردن العليا كانت بنسبة لهم الثوابت التى لا مساومة عليها , فالشهيد وصفى التل يقول لا فرق عندي فيمن يخطئ بحق وطنه او يخونه والشريف المرحوم عبد الحميد شرف كان يقول الإنسان الاردنى هو الغاية والوسيلة .اما دولة عون الخصاونة فلم يهادن على مصلحة الاردنين , واختار مصلحة الشعب على ان يستمر فى الحكم .
لقد اصطبغت شخصيات هؤلاء الزعما ء الأردنيين بصدق الانتماء والولاء لهذا الوطن , وكانوا رجال حكم, موضع ثقة لا تتزعزع خدموا مجتمعهم الاردنى بولائهم وانتمائهم لوطنهم وإنسانيتهم وعطاءهم الموصول , من هنا يتبين أن كل الذين يريدون التصدي لقيادة شؤون الأمة وإدارة أمور الناس عليهم أن يكونوا على درجة عالية في اكتسابهم مكارم الأخلاق, وقد تبنى المرحوم الشهيد وصفى التل والمرحوم الشريف عبد الحميد شرف ودولة عون الخصاونة اطال اللة فى عمرة قانون الحياة في السياسة وهو (نِعْمَ السياسة الرفق) , وهذا يعني أن بئس السياسة العنف والفساد والرعونة في اتخاذ القرار وعدم مراعاة حقوق المواطنين. وتغليب العدالة على الجور حيث أن الظلم يفسد على الحاكم سياسته لأن (خير السياسة العدل) وان (بئس السياسة الجور) على حقوق المواطن كما قالها أمير المؤمنين على ابن ابى طالب كرم اللة وجه .
لقد انتفع الأردنيون بوجود المرحوم الشهيد وصفى التل والمرحوم الشريف عبد الحميد شرف ودولة عون الخصاونة أطال الله في عمرة في السلطة , علماً وعملاً, قولاً وفعلاً, سلوكاً وتصرفاً. لقدا أحبوا بني وطنهم واحترموهم , فلم يظلموهم , ولم يبخسوهم حقوقهم, الأمر الذي يكشف عن القِمة التي تبوأت عرش السياسة عندهم وهي أن: (رأس السياسة استعمال الرفق والإخلاص للوطن) , لأن السياسي ومن خلال الرفق بأبناء شعبة هو وحده من يحتمّل التحديات والصعاب, فلا يغضب ولا يعجل حتى يبلغ الصواب محله, وبهذا صار( الاحتمال زين السياسة)
وأن الفاشل في السياسة وهناك الكثير منهم فى هذا الوطن فمنهم من ورث موقعة عن دولة او معالى ابية ومنهم من وسد لة الأمر عن طريق بعض السفارات , فهم لا رفق لهم بأبناء وطنهم ,وليعلم هؤلاء الساسة الفاشلين أن الرفق يوجب العدل في الحكم والفعل, والقول والتصرف, وخصوصا أن ميدان السياسة يحتاج إلى الرفق اشد من غيره من الميادين لِعِظَمِ المسؤوليات التي يضطلع بها هذا الميدان. ولما كان ميدان السياسة حياة الناس ومصائرهم ومقدّراتهم صار من أول الواجب في قاموس السياسي أن يكون متمتعا بمكارم الأخلاق, مفعما بطيب السجايا والخصال, وإلا سيكون جبارا عصّيا.
واحيرأ نقول للقارئ الكريم انك لو تصفحت تاريخ بعض الساسة في وطننا العربي وكل الطغاة على وجه الأرض لوجدتهم منحرفين أخلاقيا, لا يملكون من الخصال إلا الهيمنة, والقتل, والاستحواذ, والأثرة, والإقصاء, فتجدههم مدمنين سلطة , متعطشين للهيمنة, ضالعين بالعنف. , رحم اللة ابن خلدون حين قال ان حب السلطة مزروع فى شخصية العربي فلا بأس أن يرتكب كل المحرمات من اجلها .