لا يختلف اثنان في أن المرحلة القادمة سوف تشهد تداعيات؛ اجتماعية واقتصادية عدة ؛ منها ارتفاع ملحوظ في نسبة العنوسة, ويقابلها ارتفاع ملحوظ في نسبة الشباب الذين لا يستطيعون الباءة, وعزوف الأهل عن اعتماد المقاييس الإسلامية في قبول طالب القرب؛ فيكون الانحراف هو المأوى الذي يميل إليه الشباب كبديل سيء إلا ما رحم ربي, و تكون الحاويات بانتظار ضحايا جدد!عنوسة البنات, وانحراف الشباب, يجرنا إلى الهاوية , ويهدد امن واستقرار المجتمع بأكمله, ويلقي بمزيد من الجرائم, والانتهاكات, و الأطفال غير الشرعيين!
ذلك أن مقومات الحياة الكريمة باتت مهددة بالخطر, وأن ارتفاع تكاليف أساسيات الحياة تجاوزت الخطوط الصفراء والحمراء و أضحت تضاهي العيش في طوكيو, وربما أغلى بعض الشيء!
فلا يستطيع من كان في سن الزواج أن يؤسس لمستقبله, ولم يعد قادراً على وضع حجر الأساس في بناء أسرة لطالما حلم أن يضع حجر أساسها, ويرفع بنيانها ,ويخطو الخطوة الأولى في عالم المستقبل المليء بالآمال والطموحات, وهو واثق الخطى , مطمئن النفس, سليم الخاطر .
فالزواج والاستقرار النفسي و العاطفي, حلم يراود كل شاب وشابة في هذا المجتمع , وهو اللبنة الأساسية في بناء الأسرة ونواة المجتمع, وبه تبدأ مسيرة الحياة , وتمارس من خلاله غريزة إنسانية أودعها الله في قلب الرجل والمرأة؛ ليصبح الشاب أبا, والفتاة أما...
لقد أصبح مجرد التفكير بالزواج , يعد ضربا من الخيال لدى الشريحة الأوسع في مجتمعنا؛ بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجه المجتمع الأردني بشكل عام, والشباب المقبل على الزواج بشكل خاص في هذه المرحلة, والتي هي على الأرجح أفضل من المرحلة القادمة...
إن ابتعاد المجتمع عن تعاليم دينه الحنيف, والسير وراء العادات والتقاليد المبتدعة ؛آلت بنا إلى ما نحن عليه, وبتنا نسمع عن ظاهرة لم نعهدها من قبل؛ " لقيط أو لقيطة "كل شهر أو شهرين, إما بالحاوية, أو على قارعة الطرقات و في الأزقة أو بالمجاري ,"أكرمكم الله" .
وأي كان المكان والزمان فإن تلك الظاهرة أصبحت تؤرق كل ذي حجر, أو ضمير حي في مجتمعنا المحافظ , والذي يأبى أن يدنس ترابه بأقدام الزناة, وتلوث سمعته بتلك الانتهاكات اللآإنسانية !
لقد أوصانا نبي الرحمة بأنه: إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلاَ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير.
إن الأعباء التي تتوالى على كاهل الشباب؛ قد وصلت حد الإشباع؛ بحيث أن مسؤوليات الحياة وتبعاتها لم تعد تطاق, وان البحث والتخطيط للسفر هروبا من ويلات الظروف القاسية؛ بات الملاذ الأمن لهؤلاء الشباب؛ فالمنغصات المعيشية أضحت تغلف حياتنا اليومية, والتوجس من ضنك العيش يحيط بشبابنا من كل جانب, حتى أوصل الشباب إلى مرحلة من اليأس والضياع, والابتعاد عن مفردات الزواج, وأبقى فتياتنا تعيش في سراب اسمه الأمل بالزواج, هذا ونحن ما زلنا "نوعا ما" على بر الأمان, ولم تلق تبعات الأسعار بكامل أوزارها بعد...
فالفتيات اللواتي كُنَ يحلمنَ بمستقبل آمن من خلال الارتباط الشرعي, بات اليوم حلم صعب المنال ,وبتنَ يدركن أنهنَ سوف لا يجدنَ من يطرقُ أبوابهنَ بقصد الزواج؛ لأن الموازنة لا تحتمل تكاليف المهر ومراسم الزواج (وفق العادات والتقاليد المعمول بها) .
فالزواج للفتاة بات سراباً تلهث نحوه الفتاة ولم تجده, فترتفع نسبة العنوسة والانحلال, حتى تصبح ظاهرة تبعث على الأرق من مخاطرها, وما ظاهرة اللقطاء إلا إحدى إفرازاتها القبيحة , وان حل مشكلة الزواج في ظل نفس المعطيات سيصبح معادلة معقدة متشعبة الجوانب وبات من الصعب حلها, وتقف الدولة بأدواتها ومقوماتها البشرية عاجزة حيال هذه الظاهرة الاجتماعية, المؤرقة والخطيرة.....
فالشاب والفتاة؛ لم يعودا قادرين على فتح بيت مستقل, حتى ولو كان الطرفان يعملان, ولو تقاسما أجرة البيت وفواتير الماء والكهرباء والهاتف ؛ فسوف لا يتبقى لهما ما يقتاتان به نتيجة الارتفاع الجنوني للأسعار.
وإذا ما تخطينا المرحلة الأولى من الزواج؛ فإننا لا نستطيع بالمطلق تجاوز المرحلة التي تليها بعد بمجيء الأولاد, وسيل المصاريف الجارف لأثمان الحليب, والحفاضات, والطبيب والعلاج, والكسوة, وما إلى ذلك من متطلبات .....
هذا الوضع الاجتماعي المأساوي, يضعنا أمام أمرين لا ثالث لهما :
إما العمل بسنة الرسول عليه الصلاة والسلام, والتخلي عن العادات المتوارثة والمعمول بها, من حيث ارتفاع المهر, واستبداله بمهر رمزي, ((يمكن الاستفادة من الأسلوب والطريقة المعمول بها لدى الشر اكس والشيشان)) ويترك موضوع المصاغ إلى قدرة وإمكانية العريس, والتخلي عن مصاريف الحفلات بالفنادق ,والصالات الفخمة, والاستعاضة عنها؛ باحتفال بسيط ,بهدف إشهار النكاح, وليس بهدف المفاخرة والاختيال , وتعطى الفرصة للعروسين ليشقا طريقهما , ويخوضا المعترك الحياتي في بيت الزوجية, بدون أعباء الدين الثقيلة!
أما الحل الآخر وهو توسيع دور رعاية اللقطاء وزيادة عدد الحاويات ؛ لاستقبال مزيدا من الأولاد غير الشرعيين, وانتظار موجات جديدة من طوفان الفساد القادم , ولا حول ولا قوة إلا بالله .