لفت انتباهي نتائج دراسة قام بها مركز انتلجنسيا للدراسات تحت عنوان "الحريات الإبداعية وحقوق المبدعين" وكان من بين اهداف الدراسة التعرف على آراء المبدعين الأردنيين إزاء العراقيل التي تقف في طريق حرياتهم الإبداعية، وأنواع المضايقات التي تواجههم، ومدى حصولهم على حقوقهم المادية والمعنوية من أعمالهم الإبداعية، ومدى الحاجة إلى تطوير التشريعات الخاصة بحريات وحقوق المبدعين، وأخيرا التعرف على الجدوى المالية الناتجة عن ألاعمال الإبداعية التي ينتجونها.

واشارت احدى نتائج الدراسة الى أن57 بالمائة من المبدعين الأردنيين الذين تضمنتهم عينة الدراسة يشعرون وهم يمارسون ابداعاتهم بوجود رقيب ذاتي داخلي يعرقل سعيهم للتعمق في عناصر العمليات الابداعية التي يقومون بها.

وأشارت النتائج ايضا الى ان 47 بالمائة منهم قد حددوا بدقة الجهات التي تسبب المضايقات لهم وهي المؤسسات السياسية والاجتماعية والدينية.

وقد اشارت النتائج الى ان 53 بالمائة من افراد العينة قد ابدوا تخوفات تحد من ابداعاتهم مصدرها المؤسسة الدينية واشار 43 بالمائة الى تخوفات مصدرها المؤسسة السياسية، بينما اشار 38 بالمائة الى تخوفات مصدرها المؤسسة الاجتماعية.

ومن بين النتائج ذات المدلولات الخطيرة التي كشفت عنها الدراسة أن 69 بالمائة من العينة المستهدفة قالوا ان نسبة عائداتهم من أعمالهم الإبداعية إلى مجمل دخولهم السنوية لا تبتعد كثيرا عن الصفر. في حين افاد البقية ان تلك النسبة تتراوح ما بين واحد الى خمسة بالمائة من نسبة اجمالي مداخيلهم السنوية من مصادر اخرى.

ان نتائج هذه الدراسة تشير الى حقائق مخيفة جدا.. فاذا كان المبدعون في بلادنا يعتبرون الدين والسياسة والمجتمع مصادر للحد من إبداعاتهم. اذن نحن امام مأزق حضاري كبير.. فكيف لنا كمجتمع ان نسمح لمؤسسات بهذه الاهمية والدور ان تكون عقبة في وجه الابداع..؟ وماذا عملنا كدولة ومجتمع لحل هذه الاشكالية الخطيرة ؟ وهل تتقدم اية امة اذا كان الابداع لديها تقاومه وتحد من تفجره اهم المؤسسات الفاعلة فيها ؟

اسئلة علينا ان نوفر اجابات دقيقة عليها.. لأن المبدع هو الثروة الوطنية الحقيقة التي يجب ان نحرص عليها وننميها. فالمبدع يستطيع رؤية اشياء لا يستطيع غير المبدع رؤيتها وبالتالي يسهم في تشخيص مشاكل المجتمع وتقديم حلول ناجعة لها.

فالابداع يعد اكسير الحياة لأية امة تحترم نفسها .. وترغب في توفير سبل التقدم والتطور.