عذرا أمي، عذرا زوجتي، عذرا ابنتي، عذرا أختي، عذرا جدتي وخالتي وعمتي، وزميلتي، عذرا لكل نساء الأردن، عذرا منكن فما يزال بيننا ونحن في القرن الواحد والعشرين من يرى أن المرأة أقل من الرجل، ويرفض الاعتراف بأنها نصف المجتمع.
عذرا لان بعضنا أسمعكن أمس في الثامن من آذار، ذكرى يوم المرأة العالمي، كلاما معسولا جميلا، شعرا ونثرا تطرب له الأذان، وفي اليوم التالي عاد لسيرورته الأولى رافضا منح أبناء أردنيات يحملن جنسية أردنية متزوجات من أجانب لهن في الدستور والقانون ما للرجل من حقوق ومزايا، وعليهن ما عليه من واجبات، جنسية، او حتى حقوقا مدنية لأطفالهن، لا بل تقزمت القصة لتصل لحقوق معيشية.
عذرا لأن بعضنا وقف أمام حقكن الدستوري، رافضا أن نكون دولة مدنية تساوي في حقوق وواجبات جميع أبنائها، وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس.
نحن آسفون.. فقد يكون كَتب عن فضل المرأة أمس، ساسة وكتاب ونواب وأعيان ووزراء سابقون ومسؤولون، تذكروا أن المرأة نصف المجتمع، ولكن بعضنا، ربما بعض من كتب، ما تزال زاوية التفكير لديه ضيقة، ويعتقد أن المرأة التي ربما كتب عنها شعرا ونثرا لا يجوز أن تمنح ذات الحقوق الممنوحة للرجل.
لا تريد المرأة في خضم الاحتفال بيوم الثامن من آذار مقالات تستذكر حقوقها، ولا دعما تعبيريا، ولا استذكارا لفضلها عبر تقارير صحفية أو فقرة تلفزيونية أو إذاعية، تستحضر أبرز ما تحقق للمرأة، وإنما تريد دعما تشريعيا وقانونيا يساويها بأشقائها الذكور قولا وفعلا.
فالرجل يمنح أبناءه فورا جنسية دولته، فيما ما نزال نستحضر حججا واهية لوقف منح أبناء سيدات أردنيات ما يتم منحه لأبناء الرجل الأردني.
سيداتي... أعتذر منكن أشد الاعتذار، فلم نستطع أن ننتقل حتى اليوم للدولة المدنية التي يتساوى عندها الجميع، دولة المؤسسات والقانون، دولة المساواة والعدالة، فما يزال بعضنا يضع عصيّه في دولاب إصلاحنا، ويرفض أن يسير قطار دولتنا المدنية على سكته الصحيحة.
أعلن أنني ما أزال معكن وسأبقى، بالوقوف مع حقكن بمنح أبنائكن جنسية أردنية، وأرفض اللعب بالكلمات، وأعتبر أن الحكومة تراجعت عن منح أبنائكن "حقوقا مدنية" ثم استبدلتها بكلمة "مزايا خدمية" فضفاضة.
دول العالم تحتفل بيوم المرأة منذ ما يقارب 100عام، ومنذ ما يقارب 70 عاما بات الاحتفال بهذا اليوم احتفالا عالميا في كل دول العالم، وخلالها حققت نساء العالم قفزات هائلة على أكثر من صعيد، ونحن في الأردن ما نزال ندور في الحلقة المغلقة عينها، ولا نريد الخروج منها، وما يزال بعضنا ينظر للمرأة باعتبارها أقل من الرجل، ويتعامل مع منحها جزءا من حقوقها، كهبة وليس كحق.
لا نريد لسيداتنا أن يفعلن في الثامن من آذار المقبل ما فعلت سيدات نيويورك في الثامن من آذار عام 1908، عندما خرجن للاحتجاج حاملات قطعا من الخبز اليابس وباقات من الورود، واخترن لحركتهن الاحتجاجية تلك شعار "خبز وورود"، وفيه طالبن بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الاقتراع، لا نريد لسيدات الأردن أن يخرجن عام 2014 للمطالبة بالمساواة مع الرجل.
أعتذر منكن جميعا، وأرجو أن يكون في نهاية النفق ضوء، وان نحتفل العام المقبل بيوم المرأة العالمي وقد حققت المرأة جزءا من حقها.
ورغم ذاك لا أملك إلا أن أقول لكل سيدات الأردن وفلسطين، وسورية، والعراق، ولبنان، وسيدات الوطن العربي الباحثات عن حق المساواة... كل عام وأنتن بألف ألف خير.
(الغد)