وجوه من الأردن في يوم المرأة
جهاد المحيسن
09-03-2014 01:20 AM
ذات يوم في آذار شهر الخصب وضعتني أمي، وفي الثامن من آذار وبعيداً عن السياسة وفن الخطابة والكتابة، حيث تفقد الكلمات معناها، ما لم يستقم التأنيث فيها، وما لم ينهض عالم الذكور من خطاب عنجهيته الذكورية، ويتذكر أن قصة الخلق الأولى كانت المرأة عنوانها في الدين والأسطورة والواقع!
المرأة الإيقاع المنضبط في رسم صورة الحياة، هي العنوان والمقصود والغاية والحلم، لا تلك التي تاجر بها عالم الذكور وجعلها سلعة في الفضائيات والبترينات وقتل معنى الانسان فيها.
في الثامن من آذار من كل عام، يستذكر العالم اليوم المشهود له بالعطاء والتحدي المحرك للبوصلة الاجتماعية التي مهدت لنهضة نسوية قبل النهضة الصناعية، أثبتت خلالها المرأة الأم، والمرأة العاملة، والمرأة الزوجة، والمرأة الحبيبة، نجاحها بأحقية في قيادة اجتماعية شملت شتى المجالات، بما فيها السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية وغيرها من الأمور التي جعلت منها المركز العصبي الحساس لتكوين بنية اجتماعية متماسكة.
في الأردن وفي العام 1910 وفي انتفاضة الكرك كانت النساء أول من سجن في الوطن العربي، وفي تاريخنا الأردني المنسي حول نضال المرأة الأردنية لم تسجل المروّيات الشعبيَة ولا التاريخ المدوّن أية إشارة عن السجينة السياسيّة في المنطقة العربية قاطبة. فبعد خروج مشخص وبندر المجالي من السجن بوقت طويل أصبحت الجزائرية جميلة بوحيرد وزميلاتها من أعلام النساء لتلك الحالة.
وفي أيامنا هذه تزخر الذاكرة بعديد من الشخصيات النسائية الكبيرة في مختلف مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، التي لا يتسع المجال فيها لذكر كل واحدة منهن. ولعل من هذه الشخصيات التي وضعت نفسها في إطار سياسي، وجذبت بخطابها الهادئ والموزون الذي يتحرك وفق سياق وطني يحرص على الدفع باتجاه المستقبل، البرلمانية السابقة وأمينة عام حزب الشعب الديمقراطي "عبلة أبو علبة"، التي تقف في مصاف الأردنيات اللواتي خضن غمار النضال النسوي والسياسي من أجل تحقيق مكتسبات نضالية.
بدأ نضال المرأة الأردنية في أوائل الخمسينيات للمطالبة بمنحها حقها في الانتخاب والترشح للمجالس البلدية والنيابية، وقد قادت هذا النضال رابطة اليقظة النسائية التي تأسست العام 1952.
عبلة أبو علبة قدمت نموذجا للمرأة الأردنية المنشغلة بالهم الوطني والهم الفلسطيني والعربي والعالمي، وكانت وما تزال منحازة للمرأة وللشعب بمجمله، وإلى الحياة التي تتحقق فيها أحلام البسطاء، كبساطة ابتسامتها الهادئة، وصلابة موقفها المدافع عن حقوق الناس.
ففي شهر آذار، شهر الربيع والدحنون، وشهر زهر اللوز المتفتح على آفاق الدنيا، ربيع كربيع المرأة الدائم، لا يحده زمن، ولا تحصره جغرافيا، يتنافس الطرفان على الحياة ولكن الربيع يأتي في مواسم. والمرأة الأم، والمرأة الزوجة، والمرأة العاملة، والمرأة ربة البيت، ربيع دائم لا يرتبط بموسم ، بل هو المواسم كلها.
كل لحظة وزوجتي وابنتي، ونساء الأرض بخير.
(الغد)