اعجب ما يمكن ان تواجهه في قصص التعيين في الجامعات، قصة المعايير التي تضعها أغلب الجامعات الحكومية عند حاجتها لتعيين اعضاء هيئة تدريس، العجيبة الاولى انها في غالبها معايير يشوبها الكثير من عدم الموضوعية والعمومية والشفافية، فكل جامعة تضع معايير خاصة بها ، وفي كثير من الاحيان لا يمكن المتقدمين من الاطلاع على المعايير ومراجعتها.
والثانية ان اللجان التي تكلف لاختيار المتقدمين لا تلتزم في كثير من الاحيان حتى بهذه المعايير، وأحيانا يكون للرئيس رأي اخر. فلكل جامعة معايير ولكل لجنة دهاليز وهكذا، وكأنها مزارع خاصة بأصحابها، لا بل ان قصص اللجان تفوق احيانا قصص التعيين في المزارع الخاصة.
الأمثلة على ذلك كثيرة، وملفات الجامعات زاخرة بها، ومن هذه الامثلة، ان احد الجامعات طرحت اعلان لتعيين اعضاء هيئة تدريس قبل عامين، وشكلت لجنة من اعضاء القسم المعني، وبطريقة غير مفهومة وغير موضوعية ومخالفة حتى للمعايير التي اقرتها ذات الجامعة اصر احد اعضاء اللجنة على استثناء خريجي بعض الجامعات والمعاهد من اكمال التنافس، وذلك بهدف تسهيل الطريق امام احد المتقدمين، مقصيا متنافسين في تلك المسابقة لكل منهم اسهاماته البحثية والأكاديمية.
والمفاجأة الطريفة ان الجامعة اضطرت في وقت لاحق ان تطلب من عضو اللجنة ان يتقدم باستقالته عوضا عن فصله، ليس بسبب تجاوزه السابق، وإنما لأنه لم يستطع ان يتقدم بأبحاث اكاديمية تثبته في الجامعة خلال المدة المحددة.
جامعة اخرى استثنت ايضا خريجي بعض الجامعات والمعاهد بطريقة غير مباشرة، من خلال وضع علامات تمنح جامعات درجات تصل الى عشرة وتمنح اخرى علامات لا تتجاوز العلامتين، وجميع هذه الجامعات والمعاهد معترف بها على درجة واحدة من وزارة التعليم العالي. فكان من نتيجة هذه المعايير ان تم استثناء العديد من اصحاب الاسهامات الاكاديمية والبحثية لصالح آخرين.
وجامعة اخرى اشترطت في اعلانها ان يكون الخريج من جامعات تعترف بها، وقبلها اشترطت ان يكون مصدر شهادة الدكتوراه للمتقدمين من اول خمسين جامعة في العالم ، اذا ما معنى اعتراف وزارة التعليم العالي بالجامعات الاخرى وما هو نصيب الجامعات الاردنية منها.
والسؤال المثير كيف صنف هذا المعيار الجامعات والمعاهد وكيف خصص لها هذه العلامات ؟ هل تم ذلك بناء على دراسات مسحية لمستوى اداء الخريجين ام على اي اساس ؟؟
في الحالات السابقة حرم بعض المرشحين من حقهم العادل في التنافس، هذا فضلا عن ان بعض المعايير التي تعتمدها بعض الجامعات تخالف الدستور نصا وروحا. وان بعضها يسهم في تعزيز الجهوية والمناطقية في الجامعات على حساب الكفاءة والإنتاج الاكاديمي.
الامثلة على عدم موضوعية المعايير كثيرة والأمثلة على توجيه المعايير وتصميمها لخدمة فئة على حساب فئة اكثر، وأحيانا تصمم لخدمة متقدم واحد، وأحيانا تركل بالحائط، واحيانا تصمم بطريقة ارتجالية، كل ذلك يجعل من لعبة المعايير لعبة مشينة وفاضحة ، وتشي بممارسات غير عادلة وغير شفافة وتفيض منها روائح كريهة. وتؤشر الى ان الجامعات فشلت في ادارة ملف التعيين باستقلالية.
اذا كان هذا يحدث في تعيين اعضاء هيئة التدريس في جامعات حكومية فما هو الحال بالنسبة لأغلب الجامعات الخاصة وعلى اي الاسس تتم العملية وما هو الحال بالنسبة لتعيين الموظفين الاداريين والفنيين... ما الحل وهل من طريق اخر ؟؟؟... للحديث بقية في المقال القادم.