الأردن من أفضل المواقع العالمية تهيئة للسياحة، وهذا الفضل يعود لموقعه المتميز الذي تطغى عليه الأجواء الطبيعية سواءً من ناحية الطقس المتنوع فيه أو من خلال الواقع الجغرافي والمكاني وكذلك تنوع السياحة فيه.
ميزة الأردن تتمثل اولا في تنوع الثقافة السياحية فيه فهو يعد من افضل الأماكن التي تواجدت بها حضارات تاريخية مختلفة وهذه الحضارات تركت إرثاً ومخزونا كبيرا لا تتميز به أي منطقة في العالم.
فالإرث الديني المسيحي الموجود من خلال المواقع الدينية المسيحية المختلفة بخاصة في مأدبا والآثار الكنسية التاريخية في المغطس حيث تم تعميد السيد المسيح، الى مناطق الشمال حيث توجد ام قيس، إضافة الى المناطق الأخرى التي لم يتم لغاية الآن البحث فيها بخاصة منطقة بصيرا في الطفيلة التي من المؤكد وجود حضارات مختلفة فيها اضافة الى وجود شواهد لآثار دينية تاريخية فيها، حيث لم يتم اكتشافها واستغلالها لغاية الآن.
كما هو الإرث المسيحي لدينا الإرث الاسلامي حيث ان الاردن كان يعدُّ بوابة انطلاق الدعوة الاسلامية الى شمال الجزيرة العربية، وشهد معارك اسلامية تاريخية كانت تعدُّ بدايات الدعوة الاسلامية في عهد الرسول -عليه الصلاة والسلام- ومنها معركة مؤتة ومعركة اليرموك وكذلك مواقع شهداء الأمة الاسلامية الذين ساهموا بدمائهم لنشر الدعوة الاسلامية وخاصة شهداء مؤتة، والذين بحق تعتبر مقاماتهم شاهدة على العظمة التي جاء بها الاسلام فهم رفقاء الرسول العظيم الذي يمثل مئات الملايين من البشر الذين يدينون بالإسلام، إضافة الى مقامات الصحابة المنتشرة في كافة المناطق الاردنية من جنوبه الى شماله. والحضارات التاريخية من الرومان الى الانباط الى الحضارة اليونانية الى مختلف الحضارات التاريخية التي استوطنت الارض الاردنية، والتي آثارها ماثلة للعيان وتعد «دررا» حبانا الله بها، فالبترا وجرش والمدرجات الرومانية المختلفة والفسيسفاء في مأدبا كلها تمثل ارثاً من المفروض ان يستقطب عشرات الملايين من البشر سنوياً، واستغرب ان يزور ماليزيا عشرات الملايين، ونحن اهل الحضارات التاريخية لا يزورنا مئات الآلاف أو حتى عشرات الآلاف من السياح، فأين نحن والسياحة؟! واين نحن والانتماء للوطن لنسوّق وطننا ونجعل السياحة نفطنا، نحن لدينا نفط لا ينضب متمثلا بالآثار والمواقع السياحية ولكن -للأسف- لا يوجد هناك من يستغلها استغلالا صحيحاً.
في أوروبا يستقطبون السياح ايضا للانتفاع بالمياه المعدنية الحارة والتي لدينا منها عديد من المواقع تنتشر في مناطق مختلفة من الجنوب الى الوسط الى الشمال، ولكن استغلالها في ادنى صوره والتسويق السياحي شبه معدوم.
هناك مواقع كثيرة بحاجة لإعادة تأهيل، كما أن هناك مواقع كثيرة بحاجة الى اكتشاف لأنها موجودة لكنها بحاجة للكشف عنها.
أتمنى من الحكومة إيلاء السياحة الاهتمام اللازم، وان تعطيها حيزاً كبيراًـ وان تدعم هذا القطاع دعما مباشراً، وأعتقد أنه لا أحد يمانع باستغلال جزء من اموال المنحة الخليجية في هذا الاتجاه.

"الدستور"