عندما كنا صغارا كانت سحبة البلالين واحدة من السلع التي يبيعها الصغار في الحارات.ومنها سحبة البلالين المكتظة بصغار البلالين مع تطعيم بعدد من كبار البلالين واهمها كان بلون رقم (10).
وكان معلوما انه كلما خرج بالون كبير من السحبه وربحه احد الاطفال فان قيمة السحبه تقل والزبائن يصيبهم الزهد.ولهذا كان الشاب الصغير صاحب السحبة وقبل ان يخرج من بيته للبيع يصعد على كرسي عليه عدة مخدات ويصل الى اللمبة المعلقة في سقف الغرفة ومعه ورقة اﻻرقام ويبقى يحاول حتى يصل الى رقم (10) وينزع الورقه واحيانا يقوم بنزع اوراق اخرى للبالونات الكبيرة ، ينزع اﻻوراق لكنه يبقي البالونات الكبيره في السحبه لكنها خارج الحسابات.اي تتحول الى طعم للمشترين.
وبعد نزع اﻻرقام يخرج البائع الى الشارع يهتف ويبيع.ومع كل مشتر يحلف اكثر من يمين بان رقم (10) مازال جزءا من السحبه.الكل يشتري والكل مقتنعون بانه غير صادق.وبعد ان يستعيد راسماله الذي ﻻيصل الى دينار يقوم البائع ببيع البالون رقم (10 ) بشلن او عشرة قروش وايضا البالونات الكبيره اﻻخرى التي اخرجها من السحبه.ويضيف الى ربحه ربحا اخر.
وهناك سحبة بلالين من نوع اخر كانت البلالين فيها طويلة.وكانت تسمى سحبة البوش.حيث عدد البلالين اقل من عدد اﻻرقام.اي يسحب الولد الرقم فيجده بوشا اي خاسرا.وتفاديا ﻻن يسحب المشترون البلالين مبكرا كان البائع وهو ولد من ابناء الحاره يصعد الكرسي وعليه المخدات ليخرج عددا من اﻻرقام الرابحه.ويكرر مشهد حلف اﻻيمان.
الجميع كان يعلم ان البلالين الكبيرة تم سحب ارقامها لكنهم كانوا يصدقون ايمان البائع ويقنعون انفسهم ان بامكانهم ربح البالون رقم 10 او رقم 14 او رقم 50 واظنها كانت ارقاما لبالونات كبيرة.
ربما هناك ممن سيقرا هذه الكلمات لم يتعامل مع سحبة البلالين التي لم نعد نراها كثيرا في اﻻعياد وعطل المدارس او مع بائعي الهريسه وشعر البنات.فوسائل الترفيه اختلفت لكن بعض من عاشوا تلك المراحل كبروا واصبحوا اليوم اباء لكنهم فشلوا في ان يربحوا بالون رقم 10 وربما يود البعض ان يشتري لنفسه سحبه خاصة حتى يربح كل البلالين الكبيرة.
كم هي المعارك والقضايا التي خاضتها جهات وربما دول واحيانا افراد على البالون رقم 10 وهي تعلم ان البائع قد سحب ورقة هذا البالون الكبير قبل ان تبدأ المعركة وان اكثر المكاسب ليس الا البالونات الصغيرة وربما معها بالون متوسط.
معارك من كل الانواع تخوضها دول ومجتمعات وافراد بحماس وصخب وهي تعلم ان كل انواع القسم التي يستعملها بائع البلالين لغايات تسويق البالونات الصغيرة , لكنها دورة الحياة وطبيعة البشر التي تجعلهم مجتمعات ودولا وافرادا يخوضون معارك ليست حقيقية , والجميع يتسلى لكنها تسلية مكلفة جدا وتكون من دماء الناس واستقرارها وحقوقها ومستقبل وجودها.
Samih.m@alrai.com
الراي