عيون وآذان (يهود ضد إسرائيل)
جهاد الخازن
02-03-2014 03:54 PM
«هل مقاطعة إسرائيل عادلة؟» كان هذا عنوان بريد القرّاء في «نيويورك تايمز» قبل أيام، وردّي عليه أنها عادلة جداً وواجب إنساني. أول رسالة كانت من أختنا حنان عشراوي، وهي أيّدت المقاطعة كما فعل كتّاب رسائل أخرى منشورة.
المقاطعة مستمرة وتزيد كلّ يوم فبعد أن كانت وقفاً على نشاط لطلاب في جامعات أميركية، أمتدت إلى الكنائس المسيحية الأميركية، ثم وصلت إلى أوروبا، فبدأت شركات كبرى وبنوك تعلن مقاطعة أي نشاط إسرائيلي على علاقة بالمستوطنات.
أقرأ في ميديا عصابة الحرب والشرّ من أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة حملات يومية على المقاطعة، ثم أقرأ مواقف ليهود يعارضون الإحتلال، مثل تشارلز مانيكين، وهو بروفسور فلسفة في جامعة ماريلاند ذهب إلى إسرائيل في الثمانينات وحمل جنسيتها وأصبح الآن يؤيّد جمعيّة الدراسات الأميركية في مقاطعتها الجامعات الإسرائيلية ويقول: «بصفتي يهودياً متديّناً أشعر بقلق خاص أزاء الظلم اليومي للفلسطينيين».
وكنت أشرت أخيراً إلى انتقاد الكاتب الإسرائيلي المعروف جدعون ليفي دولته في مقال له في هاآرتز» وطلبت مني قارئة نصّ المقال فأرسلته إليها وهاتفتني معاتبة لأنني أكتفيت بإشارة ولم أترجم المقال وأنشره كلّه.
أكتفي اليوم بالفقرة الأولى من مقال ليفي. هو قال:»لو كنت معلماً لقلت لطلابي أن قوات الدفاع الإسرائيلية ليست جيشاً أخلاقياً ولماذا يستحيل أن تكون كذلك. كنت سأقول لطلابي أنها جيش إحتلال وأن الإحتلال إجرامي. لو كنت معلماً لقلت لطلابي ماذا حدث سنة 1948 في قبية وفي كفرقاسم وفي صبرا وشاتيلا وقانا وعملية الرصاص المصبوب، وما يحدث كل يوم في الأراضي المحتلة. لو كنت معلماً لقلت لطلابي الحقيقة».
جدعون ليفي ليس طائراً يتيماً يغرّد خارج سرب الإحتلال الإسرائيلي، ففي اليوم التالي لنشر «هاآرتز» مقاله، نشرت الجريدة الإسرائيلية نفسها مقالاً كتبه زيف ستيرنل عنوانه «المقاطعة ليست لا سامية» يقول فيه أن المقاطعة الأوروبيّة للنشاط الإسرائيلي في الأراضي المحتلة «إنتفاضة على الكولونياليّة والتفرقة العنصريّة اللتين تمارسان في الأراضي المحتلة». أيضاً ثار أنصار إسرائيل من ليكود أميركا على الكتاب «تكوين: ترومان واليهود الأميركيون وجذور النزاع العربي- الإسرائيلي» لأن مؤلفه اليهودي جون جوديس يتحدث عن الإمبريالية الصهيونية.
وأزيد على ما سبق حاخامات يهاجمون نشاط لوبي إسرائيلي (ايباك) في الولايات المتحدة ويختلفون مع رعيّتهم التي يؤيد بعض أعضائها إسرائيل «على عماها». وقد قرأت عن مثل هذا الخلاف في كنيس بناي جيشوورون في الجانب الغربي الأعلى من مانهاتن في نيويورك.
هؤلاء اليهود المعتدلون المنصِفون يردّون لي الثقة بالنفس البشرية. وقد كتبت غير مرّة عن جماعات سلام داخل إسرائيل تقوم بنشاط هائل دفاعاً عن الفلسطينيين تحت الإحتلال.
الفارق بين اليهود المتطرفين والمعتدلين أوضح ما أراه في صفحات الرأي في «نيويورك تايمز» و «واشنطن بوست» والجريدتان يملكهما يهود ليبراليون، في كلّ شيء، إلا عندما يكون الموضوع إسرائيل فهناك دائماً من يهبّ للدفاع عن الجريمة ويجد لها الأعذار.
«نيويورك تايمز» تضمّ بعض أفضل الكتّاب مثل بول كروغمان ونيكولاس كريستوف وتوماس فريدمان ومورين داود وغيل كولنز، ثمّ هناك النوع الآخر مثل بيل كيلر (قرأت أنه سيترك الجريدة)، وأيضاً ديفيد بروكس وروجر كوهن وجودي روديرون. الموضوعية تقضي أن أقول أن بعض أنصار إسرائيل هولاء يكتب أحياناً، وإن نادراً، مقالاً معتدلاً يفاجئني.
في «واشنطن بوست» ديفيد اغناشيديوس وريتشارد كوهن جيّدان، وفي المقابل جاكسون دييل، نائب رئيس صفحة الرأي إسرائيلي الهوى، وكذلك تشارلز كراوتهامر، وهناك أيضا جنيفر روبن وروبرت كاغان الذي يكتب مرّة في الشهر.
أنصار إسرائيل لا يدافعون عنها وإنما يدينون أنفسهم معها.
(الحياة اللندنية)