تتقطع قلوبنا أسى على أطفال يقتلون او يشردون حول العالم نتيجة حروب أهلية أو ثورات شعبية لا مجال لذكر تفاصيلها في هذا المقام ، لكننا في الوقت نفسه نعمى عن قضايا داخلية تمس نسبة غير قليلة من أطفالنا وتقلب كيان أهليهم دون أن نسمع أنينهم إلا بمحض الصدفة ، نعم هي محض صدفة قادتني إلى سماع شكوى أحد الموظفين في إحدى الدوائر الحكومية ( يتعلق بحبال الهواء كما يقولون ) بمجرد علمه بأنني أمتلك قلما يؤهلني لنشر شكواه في صحيفة ورقية أو إلكترونية .
تتلخص مشكلة ذلك الرجل بأن أحد أبنائه يعاني من حالة تسمى ( فرط الحركة وضعف التركيز ) ، مما جعله عبئا ثقيلا على عائلته ، تتنقل به من طبيب إلى طبيب ومن مدرسة إلى مدرسة لا تلبث أن تبلغ ذويه بأنها عاجزة عن التعامل مع مثل هؤلاء الأطفال ، لما لهم من تأثير سلبي بالتشويش على المعلمين والطلبه ساعة الدرس ، وللمزيد من المعلومات حول تلك الحالة ، فقد لجأت لويكيبديا الموسوعة الحرة ، ليتبين لي أنها حالة نفسية تبدأ في مرحلة الطفولة مسببة نموذجا من التصرفات يجعل الطفل غير قادر على إتباع الأوامر أو السيطرة على تصرفاته فيعاني من صعوبة بالغة في الإنتباه للقوانين ويعيش حالة إلهاء دائم بالأشياء الصغيرة تحول دون اندماجه في فصول المدارس العادية والتقيد بأنظمتها مما يجعل الآخرين ينظرون إليه نظرة المشاغب المزعج وربما الغبي ! وما أدهشني أكثر هو أن هذه الحالة من أكثر الحالات النفسية شيوعا في العالم ، إذ يبلغ عدد المصابين بها حوالي 5% من مجموع شعوب العالم ، مما دفع العديد من الدول للإهتمام بهم بشكل أو بآخر .
أما عندنا فلم أستطع التوصل إلى إحصائية تبين حجم المشكلة في بلدنا ، مما أبقي المصابين بتلك الحالة في موضع الإهمال وعدم القدرة على التعلم ، دون مجرد التفكير باحتوائهم في فصول أو مدارس خاصة ومعلمين مؤهلين للتعامل معهم ، وكأننا نطبق أفكار هتلر النازية بتهميش أو إلغاء الفئات الأضعف والاهتمام بالفئات العليا المتفوقة ، فجاء إنشاء مدارس التميز للمتفوقين ، وتركت الفئات الأضعف جسديا أو عقليا أو دراسيا دون رعاية ، وهنا لا أضع المسؤولية على الحكومات فقط بل على الموسرين من أبناء الوطن وأطالبهم بأداء دورهم تجاه مجتمعهم فمرضاة الله لا ننالها فقط ببناء المساجد ، والتعبير عن القيم الإنسانية لا يكون فقط بكسوة فقير أو إطعام مسكين ، ولا أظن رجلا مثل ( بيل جيتس ) يمتلك من الدوافع الدينية والأخلاقية والإنسانية أكثر مما نملك ليوقف جزءا كبيرا من ثروته لصالح أمراض الأطفال في أفريقيا .