المواطن ، دون تسويف أو تحريف أو تهويل هو الخاسر الأكبر في معادلة حكومية معقدة ، معادلة أطرافها تصريحات بالنمو والإزدهار ونتائجها زيادة في الضرائب والرسوم ! وبين كل هذا وذاك بات المواطن الأردني وفي خضم التصريحات الحكومية المتتالية من زيادة في النمو الاقتصادي وانخفاض في معدلات التضخم والبطالة وارتفاع لحجم الاستثمارات هو المواطن الأكثر سعادة على وجه المعمورة !
إن المتابع للتصريحات الحكومية يستطيع أن يلمس حجم التناقض بين النمو والازدهار من جهة وبين البطالة والفقر من جهة أخرى ! فقانون ضريبة الدخل الحالي والمقترح يشير صراحة في المادة التاسعة إلى ان الإعفاءات الشخصية والعائلية هي بواقع (12000) دينار للشخص الطبيعي و (24000) دينار على مستوى العائلة وبموجب هذه المادة فقد صرح أكثر من مسؤول حكومي بأن أكثر من (98%) من الشعب الأردني معفي من دفع الضريبة وبمعادلة أخرى فإن (98%) من أفراد الشعب الأردني يقل دخلهم عن ال)1000( دينار شهرياً وبمعنى أدق فإن (98%) من الشعب الأردني يمكن إدراجهم تحت بند ما يسمى بالخاسر الأكبر !
لقد أكد البنك الدولي في أحد تقاريره مؤخراً إلى أن ربع الاردنيين يقعون في براثن الفقر المطقع حيث لا يتجاوز دخل الأسرة 200 دينار شهرياً ! (العرب اليوم ، 28/01/2014) في ما قدّر تقرير عمالي صادر عن مركز الفينيق للدراسات أن خط الفقر المطلق (الغذائي وغير الغذائي) في الأردن لعام 2012 بلغ نحو 400 دينار شهرياً للأسرة المعيارية المكونة من (5.4) فرد، مشيراً إلى أن نسبة كبيرة من الأردنيين تتقاضى دون هذا الأجر وقال التقرير إن خط الفقر بلغ في العام 2010 مبلغ (813.7 ) دينار للفرد سنويا.
تشير "الأرقام الرسمية إلى ان (72%) من العاملين والمشتركين في الضمان الاجتماعي يحصلون على رواتب شهرية تبلغ 400 دينار فما دون ومعدل الأجور في الأردن يبلغ 412 دينار". كما بين تقرير آخر "بأن نسبة من تقل رواتبهم عن 500 ديناريشكلون 89.4 % من العاملين الاردنيين فيما تبلغ نسبة من تزيد رواتبهم على 500 دينار 10.6 % بمعنى أن غالبية الأسر الأردنية لا تستطيع أن تغطي حاجاتها الأساسية الغذائية وغير الغذائية".
لقد بات المطلوب العمل على تحقيق نمو اقتصادي بشكل أكثر ديناميكية ورشاقة وتوظيف النسب والمؤشرات الاقتصادية لما فيه خدمة الوطن والمواطن من خلال إنعكاس هذه النسب والمؤشرات لتسمح بتحسين المستوى المعيشي والإرتقاء بمستوى التنمية البشرية من خلال مشاريع إستثمارية أكثر جرأة تعمل على تغطية محافظات المملكة والتي ترزخ تحت وطأة الدخل المحدود والعمل على تحقيق الإستقرار الاقتصادي الاجتماعي المنشود من خلال إدارة قواعد بيانات ذات حاكمية رشيدة تكفل قراءة الأرقام بشكل أكثر شمولي والوقوف على ما وراء هذه الأرقام لما فيه من إنعكاس إيجابي في تغير خريطة المستوى المعيشي للمواطن.
ختاماً فإن لغة الأرقام محفوفة بالمخاطر مليئة بالتفسيرات تعج بالتحليلات ولكن العبرة في كل هذا وذاك أن تكون أرقامنا ذات دلالات وليست مجرد أمنيات مصحوبة بشتى أنواع التخديرات فنمو اقتصادي وناتج محلي واستثمار عربي كان أم أجنبي ودعم الدينار وانخفاض التضخم والبطالة كلها إن لم تنعكس على حياة المواطن قيمة مضافة في دخله ومستوى رفاهيته فلا قيمة لها كالطالب يدرس ليل نهار وعند النتائج يكون الإنهيار !