ﻻيختلف اثنان على ان اهم قضية تواجه الدولة والناس هي الملف المعيشي اﻻقتصادي وبخاصة قضية البطالة وتوفر فرص العمل .فالعمل هو المفتاح للحياة اﻻجتماعية .ومفتاح للمشاركة في الشأن العام .ومقاومة اﻻحباط والتطرف واليأس .
والمشكلة اكبر في محافظاتنا حيث التنمية الضعيفة.وحيث فرص العمل محدودة وبخاصة بعد التراجع الكبير في الوظائف الحكومية .وعندما تصبح الوظيفة عزيزة فان الناس تهرب الى عمان تبحث فيها ..وقد تجد لكنها فرص برواتب محدودة ﻻ تكاد تؤمن لصاحبها كلفة السكن .
وما كان خلال عقود عمر الدولة من اعتماد على العمل في الحكومة والمؤسسة العسكرية لم يعد كما كان .فاعداد الناس تزيد والوظيفة الرسمية موسمية .ولعل مبادرة جلالة الملك قبل سنوات بانشاء صندوق لتنمية المحافظات كانت محاولة منهحية لبناء عمل حقيقي نحو المحافظات .لكن مثل كثير من المبادرات تتحول شيئا فشيئا الى حكايات ادارية ننشغل بتحديد من هو المسؤول وغيرها من التفاصيل لنكتشف بعد ذلك ان الفكرةاﻻصلية قد تحولت الى حالة مهما تم اﻻنجاز فيها فانها لن تحقق الغاية الكبرى لها وهي تنمية المحافظات اي بناء حالة تنموية تولد فرص العمل وتجعل ابناء المحافظات يجدون جزءا من الحلول في محافظاتهم دون الحاجة للتهجير او انتظار وظائف المياومة او شراء الخدمات .
ربما نحتاج الى اعادة اﻻعتبار لفكر تنمية المحافظات من خلال استثمار المنحة الخليجية ومن خلال اعطاء مبادرة تنمية المحافظات اطارا سياسيا وتنمويا حقيقيا ﻻ ان تكون برنامجا في مديرية من مديريات وزارة الصناعة .
نحتاج الى مبادرة تتكامل فيها عملية تطوير الفكرة اضافة الى استثمار المنحة الخليجية في مشاريع تولد فرص عمل للاردنيين وليس للعمالة الوافدة اضافة الى احياء جوهر فكرة اﻻقاليم كفكرة تنموية .وربما نصل الى قناعة بالحاجة الى وزارة التنمية المحلية بدورها التنموي اﻻقتصادي والخدماتي والتي يمكنها تبني فكر وفكرة تنمية المحافظات كما يجب ان تكون.
سيقول البعض لسنا بحاجة الى وزارات جديدة .لكننا نتحدث عن وزارة قد تكون خليطا من ادوار وزارتي الداخلية والبلديات .وبخاصة اننا نعلم ان وزارة الداخلية مسؤولة نظريا عن اجهزة اﻻمن .ودورها الحقيقي هو الحكم اﻻداري .كما اننا عبر اكثر من حكومة جئنا بوزارات شكلية لم ولن يكون لها دور .واﻻمثلة عديدة .
تنمية المحافظات ليست حالة شكلية او امرا هامشيا .بل نحن نتحدث عن جزء اساسي في منهجية الدولة في ادارة ملف البطالة والفقر .الذي يمثل في احد ابعاده ملفا سياسيا وامنيا .وفيه اﻻجابة على سؤال التعامل مع
اجيال اﻻردنيين القادمة ومحافظات مازالت تشكو التهميش وضعف التنمية. "الراي"
Samih.m@alrai.com