"وَمَا أَرْسَلْنَاك إِلَّا رَحْمَة لِلْعَالَمِينَ" الأنبياء 107
يقول اِبْن عَبَّاس في تفسير هذه الآية الكريمة: "أَنَّ اللَّه أَرْسَلَ نَبِيّه مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَة لِجَمِيعِ الْعَالَم، مُؤمِنهمْ وَكَافِرهمْ. فَأَمَّا مُؤْمِنهمْ فَإِنَّ اللَّه هَدَاهُ بِهِ، وَأَدْخَلَهُ بِالْإِيمَانِ بِهِ وَبِالْعَمَلِ بِمَا جَاءَ مِنْ عِنْد اللَّه الْجَنَّة. وَأَمَّا كَافِرهمْ فَإِنَّهُ دَفَعَ بِهِ عَنْهُ عَاجِل الْبَلَاء الَّذِي كَانَ يَنْزِل بِالْأُمَمِ الْمُكَذِّبَة رُسُلهَا مِنْ قَبْله".
عندما رسمت السينما الغربية صورة العرب والمسلمين، على أنهم أناس شهوانيون، ويستمتعون بالقتل والغزو والنهب، شكل ذلك منعطفا سلبيا كبيرا في الوعي الغربي تجاهنا، وما لبث هذا الخطاب الشهواني والممزوج برائحة الدم، أن أصبح حقيقة، بعد أن كشفت سنوات طويلة من العمل الفكري المنظم لتحويل الفكر الإسلامي العظيم، إلى حالة تدميرية تسعى للقتل وتريد وقف عقارب الساعة بما يتناسب مع الوجه غير الحضاري والإنساني للفكر والدين الإسلامي، وكشف الغطاء عن مجموعات سلفية تكفيرية تربّت في أحضان فكرة مشوهة عن رسالة الدين الإسلامي، حيث حولتها إلى مسرح مفتوح للفوضى والدم.
الذي يحدث في العالم الإسلامي، يتوافق وكتابات المستشرقين عن هذا الإسلام العظيم. ولعل "برنارد لويس" وأمثاله من مختلف المدارس الاستشراقية المعادية لجوهر الأمة، استطاعوا أن يحققوا رأيا عاما لدى العالم كله، ليس بكتباتهم التي كانت حكراً على النخب الثقافية والأكاديمية في العالم، بل من خلال تحقيق الجانب العملي لأطروحتهم المشوهة عن العرب والمسلمين. عندما خرج "النبت الشيطاني" من معاقله، وبدأ يحصد الأخضر واليابس، وقدم نموذجا حيا على مدى الخطر الذي يمثله الدين الإسلامي الحنيف، على العالم بأسره.فأعيد توظيف النصوص الإسلامية بطريقة تخدم المشروع الإمبريالي في المنطقة، فخرجت مجموعات تكفيرية تتعدد تسمياتها، ولكنها متفقة في الجوهر والمضمون، لتشويه صورة الإسلام والعرب، وبدأت تفرض مفاهيم جديدة لا تتطابق وروح الإسلام، فداعش على سبيل المثال لا الحصر من ضمن فلسفتها في النحر وقطع الرؤوس، دخلت مرحلة جديدة وهي مرحلة دفع الجزية على المسيحيين في الرقة، وهذه مقدمات لأشياء كثيرة سوف تحصل في المستقبل إذا لا قدر الله تمكنت هذه المجموعات من تحقيق حلمها في دولة إسلامية على طريقتها!
المتعاطفون مع هذه المجموعات ليسوا باليسيرين ، وهم يسعون إلى نخر المجتمعات، من خلال بث روح الكراهية والقتل وحرب الطوائف، والعودة بالدول والمجتمعات إلى حالة ما قبل الدولة. التكفيريون ومن لفّ لفهم، حققوا ما عجز عنه الخطاب الاستشراقي المُغالي برسم صورة بشعة ومخيفة عن الإسلام والمسلمين، وعززت هذه الصورة بشكل كبير عندما تقطع الرؤوس والأطراف، وتقام الحدود بالجَلد، صورة عجزت عن تصويرها كل معطيات الاستشراق المتطرف ومريديه.
"13 غرام ذهب جزية على نصارى الشام"، مزاد علني بدأته الفتوحات الداعشية في سورية!
"الغد"