عفوا .. لا أريد هذا العشاء!!
جهاد المنسي
02-03-2014 01:34 AM
عندما سئلت عارضة الأزياء الألمانية الشهيرة كلوديا شيفر من قبل صحيفة "ديلي اكسبرس" عن أكثر العروض غرابة التى تلقتها خلال مسيرتها في عالم الأزياء، قالت إنها رفضت (دققوا جيدا رفضت) مبلغ مليون جنيه إسترليني مقابل تناول وجبة عشاء مع أميرعربي.
نعم رفضت، واعتبرت أنها الحادثة الأكثرغرابة في حياتها المهنية، وزادت شيفر التي تبلغ اليوم عامها الثالث والأربعين، إن العرض كان واضحا وهو تناول العشاء فقط، بمعنى أن العرض لم يكن ينطوي على أمور أخرى، وبطبيعة الحال فإن العربي (الخفي) كان سيعرض أضعاف ما عرض لو كان يفكر في المتابعة لما بعد العشاء.
كلوديا شيفر رفضت المليون دولار مقابل حفلة عشاء، وقد تستغرب كلوديا مما حدث ولكن نحن العرب لا نستغرب ذلك، إذ إننا نعرف إن أموال العرب منهوبة وتذهب لقضايا ثانوية، ولا تستغل في قضايا إنسانية أو تطويرية أو علمية.
لا أريد هنا أن أدعو ناهبي الثروات العربية ومَن على شاكلتهم إلى التبرع للفقراء العرب في الوطن العربي أو لصالح القضية الفلسطينية، أو لتحرير المسجد الأقصى الذي يهوّد يوميا من رجس الاحتلال الصهيوني، أو لإعمار ما دمر في ليبيا أو اليمن أو السودان أو سورية أو لبنان، إنما أريد أن اسأل عن عدد العلماء العرب الذين تم دعمهم من قبل أولئك الذين يبذّرون أموال الشعب، وحجم مساهماتنا كعرب، في التطور العلمي العالمي، وكم دفعوا لدعم أبحاث لإيجاد علاجات لأمراض السرطان والأيدز، والأمراض الأخرى، وكم عالما أرسلوا للفضاء، وكم جامعة متطورة حديثة بنوا، وكم مستشفى أقاموا، وكم مدرسة تحارب الجهل والتخلف انشؤوا.
بصراحة الأمر في غاية الخجل، فمثل أولئك المراهقين الذين لا يفكرون بأدمغتهم وإنما بشهواتهم، يشكلون عبئا على البشرية والإنسانية والتطور والحضارة والمدنية.
فقد أظهرت إحصائيات دولية لمنظمة اليونسكو أن الدول العربية مجتمعة خصصت للبحث العلمي ما يعادل 1.7 مليار دولار فقط ، أي ما نسبته 0.3 % من الناتج القومي الإجمالي، فيما خصصت إسرائيل وحدها حوالي 9 مليارات دولار.
إن سواد العرب يبقون يصرفون مليارات الدولارات على فضائيات هابطة وحفلات ماجنة ورقص وغيره، ولكم أن تعرفوا أن أندية رياضية عالمية تحصل على مبالغ طائلة تصل لمليارات الدولارات مقابل وضع اسم منتج عربي أو اسم شركة عربية على قميص النادي أو غيره، وان عربا اشتروا أندية أوربية بمبالغ طائلة، وصلت لمليارات الدولارات.
لا أريد مناقشة أولئك فيما يفعلون، وإنما ماذا لو اتجهوا بموازاة ذلك لدعم البحث العلمي والتطور والنهوض الفكري والحضاري أو حتى دعم أندية رياضية عربية واستقدام مدربين على سوية عالية، ولاعبين محترفين صغار في السن لا لاعبين انتهت مدة صلاحيتهم.
لماذا يريد أولئك لنا البقاء في انتظار ما يقوم به الغرب والشرق والشمال والجنوب من أبحاث، والتوصل لأمصال مضادة لأمراض مستفحلة دون أن يكون لنا دور ولو نسبي في تقدم البشرية؟!. لماذا يريدون لنا لعب دور تجهيلي، لا أخلاقي في تاريخ البشرية، وأن لا يكتب التاريخ عنا إلا بوحشية ولاإنسانية، وأن نكون أنموذجا للهمجية والقتل وجزّ الرؤوس كما يفعل أولئك الظلاميون في سورية وغيرها؟"!!
"الغد"