ابتعد " العرب " عن دينهم فتاهوا وتقطعت بهم السبل بعد إذ فقدوا " البوصلة " العظيمة التي أهدانا إياها الله جل جلاله ، وهل هناك ما هو اعظم واقدس من هدية الخالق سبحانه ! .
فرَّ العرب عن دينهم فتنازعوا أمرهم بينهم وانشغلوا بالدنيا عن الآخرة ، وانتشرت في حياتهم " قيم " العنصرية والفساد والخوف والفقر والتخلف والمرض والمحاصصة وتعدد الهويات والتناحر على ما يسمونه سلطة وسيادة ، فاقتتلوا وسالت دماؤهم بسيوفهم وسيوف غيرهم وشردوا وانتهكت محارمهم ومقدساتهم ووسد أمرهم إلى كل رويبضهْ ، وصاروا مادة وارقاماً بعد أن كان أسلافهم قيماً ومعاني أُسها شرف الإيمان بالله الواحد الأحد.
العرب اليوم " فرجه " لساكني الكوكب ، ديارهم خراب ومقدراتهم نهب لمن شاء ، يستجدون الحل من غاصب أرضهم وموضع سجودهم وقاتلهم وعدو دينهم ، وصار جلُّ همهم قوت يومهم والبحث المعمق عن عبارات وألفاظ يقبل بها المحتل الغازي ليتلطف ويتنازل عن شيء من حقهم المستباح ، بعد إذ تطوعوا مراراً بالتأكيد له بأن لا مقاومة ولا حتى مجرد احتجاج بعد اليوم ، ومع ذلك فلا جدوى ، وحالهم يقول " من يهن يسهل الهوان عليه ، فهل من هوان اكبر من هذا الهوان في دنيا العرب اليوم ! .
العرب كانوا أُمه ، ثم صاروا " لمَّه " فتحولوا إلى غُمه تزكم الأنوف روائح دمائهم المسفوحة بسلاحهم هم احتراباً على ما يسمونه سلطة وغدوا في نظر العالم مجرد صعاليك يثيرون الارهاب والقتل والتخلف في ثنايا الكوكب كافة ، وهل يؤتمن جانبهم
حتى وهم يقتل بعضهم بعضاً بدم بارد في صراع هو اشبه ما يكون بصراع البقاء في غابة لا في كوكب متحضر ! .
العرب اليوم حالهم يثير السخرية فالدهشة فالغضب فالحيرة ثم الحزن بكل ما فيه من عاطفه ومشاعر تدمي قلب كل ذي قلب ، فهم كغثاء السيل حقاً ، تتداعى عليهم الأمم من كل حدب وصوب ، بعد إذ صاروا أهون وادنى حالاً من " قصعه " ، وكأنهم نبت البارحة بلا تاريخ أو عقيدة أو هوية أو ماض أوحاضر أو مستقبل على الإطلاق .
وأخيرا ... العرب هم الســـواد الأعظــــم قدراً من خير أمة أخرجت للناس ، أي للبشرية كلها ، بقرار خالق الكون سبحانه لا بقرار بشر، وهم نبع النور والهداية على الأرض، سادة بلا سيادة دنيوية زائفة ، أحرار أسسوا معنى الحرية وثوابتها في زمن عالمي عنوانه الجهل والظلام والتخلف وتلاشي الإنسانية بكل قيمها الحقه ، بلادهم مهبط الوحي وأرض الرسالات ومهوى أفئدة سائر المؤمنين بالله جلَّ جلاله ، فيها من الخيرات وبإرادة الخالق سبحان مؤونة الدنيا باسرها ، وعلى ثراها تتجسد التعددية والتنوع بكل أشكاله ، بدءاً من المناخ وحتى لون البشر، وفي هذا سر عظيم يدركه كل صاحب بصر وبصيره، وفي باطن أرضها وقود الحياة كلها، فالعالم بدونهم وبإرادة الله جلت قدرته، حاله كحال مركبة عظيمة تبهر الناظرين ولا تساوي شيئاً إِن لم يتوفر لها كوب وقود للتشغيل .
نعم هؤلاء هم العرب الذين أرادتهم إرادة الله ، لكنهم كانوا وماتوا جميعاً وخلفوا بشراً ، لكن النار تخلف رماداً لسوء الحظ ، فالعرب اليوم ، ما عادوا عرباً أبداً ، وإنما لا مكان لهم من الأِعراب ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والله من وراء القصد