نحو تحرك عالمي لانقاذ شعب كوريا الشماليه وحمايته
محمد مناور العبادي
27-02-2014 02:05 AM
في الوقت الذي افتتحت فيه كوريا الشماليه اول منتجع للتزلج على الجليد امر الرئيس كيم الثالث بانشائه ، خلصت لجنة تحقيق دولية استمرت اعمالها على مدى عام كامل، الى نتيجة مفادها ،ان مايجري في كوريا الشماليه ،يستدعي تحويل رئيسها وقادة الاجهزة الامنيه وكبار المسؤوليين فيها، الى محكمة الحنايات الدولية ، لمحاكمتهم بتهمة ارتكاب جرائم حرب فعليه ،واصدار اوامر باعتقال 120 الف كوري شمالي في معسكرات اعتقال جماعيه ،لايوجد مثيل لها في العصر الحديث ومقتل الالاف منهم تحت التعذيب. فماذا يجري في كوريا الشماليه التي ينفق نظامها المليارات من الدولارات على عمليات التسلح ، ورفاهية الرئيس، رغم ماتعانيه البلاد من نقص في الاموال اللازمة لتوفير الغداء والدواء لشعبها ، وافتقارها للبنية التحتية اللازمه لتشجيع الاستثمارات الخارجيه والحركة السياحية ،بحيث اصبحت كوريا الشماليه طاردة للاستثمارا ت الخارجية والسياح
.
لقد امر الرئيس كيم الثالث بانشاء منتحع ليمارس فيه هواية التزلج على الجليد، والتي اكتسبها من دراسته في سويسرا ،خاصة وانه لايستطيع ممارستها خارج بلاده، لاسباب تتعلق بالمقاطعه الدولية لنظام حكمه، وخشيته من مغادرة البلاد، حتى لاتتم الاطاحة به من قبل المعارضه الداخليه والتي وصلت الى الدائرة الضيقة حوله بعد استشراء الفساد والفقر والتخبط السياسي .
لقد امر الرئيس كيم الثالث بانشاء منتجع للتزلج، رغم علمه اليقين،ان اقل من 1 % فقط من الشعب الكوري الشمالي يتقن هواية التزلج على الجليد، ويعلم جيدا ان الحركة السياحيه معدومة ،لافتقار البلاد الى بنية تحتيه ضرورية للسياحه ،‘وللقيود الامنية المفروضة على الزوار الاجانب، ولعدم وجودالمرافق السياحيه، وللمقاطعة الدوليه للنظام .
لقد دفع المواطن الكوري الشماليه تكلفة انشاء مشروع لاشباع رغبات الرئيس بالتزلج ستثبت الايام فشله، كما يدفع يوميا لاشباع نزوات الرئيس في امتلاك القنبلة النووية والاسلحه الصاروخية على حساب جوع شعبه ،وتخلفه الاقتصادي، بل وتحويله الى ،شعب يعتمد على المساعدات الغذائيه والطبيه الدولية ،والتي كان اخرها قبل ايام من كوريا الجنوبية، حين ارسلت خمس منظمات انسانيه مساعدات طبيه وغذائيه للشعب الكوري الشمالي قيمتها تفوق المليون دينار ،في اطار المساعدات الضخمه التي يوفرها الشعب الكوري الجنوبي لشقيقه في الشمال شهريا .
كما يدفع الشعب الكوري الشمالي ثمن نزوات الرئيس الشخصيه في امتلاك احدث السيارات ،واجهزة البيانو ، بحيث زادت مصروفاته السنويه، عن مصروفات ابيه في هذا المجال - حسب تقرير دولي- اذ بلغت مصاريفه الشخصيه قرابه النصف مليار دولار .
وممايؤكد شغف الرئيس بهذاالمنتجع الذي يعنيةشخصيا ، انه اختار زيارته في ثاني ظهور علني له في كوريا الشماليه بعد إعدام زوج عمته جانج سونج تيك، أحد أكثر الشخصيات نفوذا بتهمة التامر للاطاحة بنظام حكمه ثم اصدار اوامره لاعدام اكثر من ثمانيين معارضا ممن يؤيدون سونج. كل في مكان اقامته ، وترك جثثهم معلقه في الميادين العامه واجبار الشعب بمن فيهم الاطفال على مشاهدتها.
واستغل الرئيس زيارته للمجمع ، ليشيد بقوات بلاد ه التي نفذت ارادة الرئيس بانشاء المنتجع ،وذلك بعد ان تخلص من حميع الضباط الذين قد يفكرون بالانقلاب عليه لانقا ذ بلادهم ،ووصف ماقام به الجيش بانه معجزة تستحق التقدير،. ويحوي المجمع الذي اقيم على بعد حوالي 180 كلم شرقي العاصمة بيونج يانج، فندقا ومهبطا للمروحيات .
وبحسب المراقبين فان انشاء المجمع جاء تنفيذا لرغبة الرئيس ومستشار يه الذين لايحبذون كثيرا الاستثمارات الصينيه والكوريه الجنوبية في كورياالشماليه ، بدعوى انهم لايريدون ان تستغل الصين وكورياالجنوبية ، ضعف كورياالشماليه الاقتصادي ، لتمريرمواقف سياسيه .
ويرى مستشارو الرئيس ان الاعتماد على الاستثمارات الخاصة الغربيه اكثر جدوى من اعتماد كوريا الشماليه على الاستثمارات الصينيه والكورية الجنوبية ، اذ ات استقطاب المستثمرين من الدول الغربيه ، قد يحعل دولهم تتردد في التصدي لطموحات كوريا الشماليه النووية.
ولم يوضح هؤلاء المستشارون كيف يمكن استقطاب السياح الغربيين للمنتجع " للاقامة الجبرية فيه "حيث تفرض الانظمه والقوانيين على السائح الاجنبي ان يقيم في المنتجع ولا يغادره الا بموافقات امنية مسبقه وطويله وممله ويؤكد اكاديميون بان كوريا الشماليه ليست بحاجة الى ترسانه نووية او منتجعات سياحيه للتزلج ، بقدر حاجتهاالى تنميةاقتصاديه وديمقراطيه،ليعيش الشعب الكوري الشماليه بحريه وكرامة وكبرياء بعيدا عن المساعدات الغذائيه الدولية
ويتساءل مراقبون معنيون بالشأن الكوري الشمالي : لماذا تنشيء كوريا الشماليه منتجعا للتزلج على الجليد ،في الوقت الذي تضم سجونها- حسب محققين دوليين اكثر من 120 الف معتقل سياسي ، ويقوم زعيمها باعدام زوج عمته واقوى شخصية في البلاد، ثم يقوم بتعزيتها في اليوم التالي ، كما يقوم باصدار تعليمات بقيام الامهات بقتل ابنائهم ممن يعارضون سياساته .واخر تعليمات اصدرها حسب تقرير اممي ، اعدام 80 شخصا مرة واحده بتهمة مشاهدة أفلام كوريا الجنوبية والاحتفاط بكتاب الإنجيل، وبحسب صحيفة "The Daily Telegraph" اللندية فان القيادة الكورية الشماليه تتحمل مسؤوليه مقتل مئات الآلاف من المعتقلين السياسيين في المخيمات". تمت "إبادتهم عن طريق التجويع المتعمد والسخرة والإعدام والتعذيب ومنعهم من الحقّ في الإنجاب وذلك خلال الخمسين عاما الماضيه .
ويجيء افتتاح منتجع التزلج على الجليد متزامنا مع اتهامات دولية للرئيس الكوري الشمالي ونظام حكمه بممارسته جرائم حرب كما يجيء في الوقت الذي يحيي فيه اصدقاء كوريا الشماليه ذكرى مرور عام على بدء الحملات الشعبيه والاعلاميه الاحتجاجيه لدعم الهاربين من النظام الكوري الشمالي والبالغ عددهم قرابة ال25 الفا يعيشون في معسكرات خاصه في دول الجوار لكوريا الشماليه ويعانون الكثير من الصعوبات بما فبهاارتفاع نسب الانتحار بينهم والبطاله .
وتتهم التقارير الدولية المعتمده على شهادات شخصية النظام الكوري الشمالي بان مسؤوليين فيه إجبروا امرأة على قتل طفلها، وسجن أطفال منذ ولادتهم وتجويعهم، وتعذيب عائلات بسبب مشاهدتها مسلسلات غربية.
كما يتهم التقريرسلطات بيونغ يانغ باتخاذ قرارات ترمي الى تشديد قبضتها على البلاد، على الرغم من علمها أن هذه القرارات ستؤدي الى تعميق المجاعة وما يرتبط بها من نسبة الوفيات المرتفعة بين السكان.
وبعد
هل يكون اصدار اول تقرير اممي موثق عن حالة حقوق الانسان وضحايا النظام الكوري الشمالي ، بداية تغييرفي مسارات النظام ووضع حد لمغامراته الفاشله ،بحيث تصبح اولويته، سعادة ورفاهية شعبه اولا واخيرا ، وان يبتعد عن المغامرات الجنونية التي ترهق شعبه ،بما فيها سياسات التسلح النووية والصاروخي ، والمشاريع السياحيه الفرديه ، التي يتم انشاؤها على حساب الشعب الكوري الشمالي ،لارضاء الرئيس كيم جونغ
فهل يكون تقرير الامم المتحدة الحقوقي حول ممارسات ا لنظام الكوري الشمالي، وتهديده بتحويله الى محكمة لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب بداية تحول في سياسات النظام، ليس حبا بالشعب الكوري الشمالي، بل خوفا من المجتمع الدولي، الذي بدا باتخاذ خطوات جادة لمحاصرة النظام لاجباره على تغيير سياساته.
فهل سيحدث التغيير المطلوب ، خاصة وان عصرالحكم الديكتاتوري قدانتهى عالميا ، ولم يعد له مكان في عالم يعشق الحريه ويسعى لاحداث تنمية اقتصاديه حقيقيه ترتقي بالشعوب الى مرتبة اسمى في اطار احترام حقوق الانسان والحرية السياسيه وبناء الدولة المدنية التي يتمتع جميع مواطنيها بالمساواة وتكافؤ الفرص والعداله الاجتماعية.