عدة أيام قبل نهاية كل شهر تنشر الصحف على لسان رئيس نقابة أصحاب محطات المحروقات تنبؤاً بما سوف تقرر الحكومة في اليوم الأخير من الشهر من أسعار جديدة ليجري تطبيقها في الشهر التالي.
نقابة أصحاب محطات المحروقات ليست المصدر الفني أو القانوني لتحديد الأسعار المستقبلية للمحروقات كما ستعلنها الحكومة. وحتى لو كانت مصدراً للمعلومات فما معنى استباق قرار الحكومة بيومين أو ثلاثة؟ وأي غرض يخدم.
التنبؤات التي يتطوع بها رئيس النقابة لها نكهة سياسية وطعم شعبوي ، فإذا كان من المتوقع أن تنخفض أسعار المحروقات فإن النقيب يتوقع انخفاضاً أكبر ، بحيث يأتي الانخفاض الرسمي مخيباً للآمال.
وإذا كان من المتوقع أن ترتفع أسعار المحروقات فإن النقيب يتوقع تثبيت الأسعار ، بحيث يأتي قرار الحكومة برفع الأسعار مخيباً للآمال أيضاً. وحتى عندما يتوقع النقيب ارتفاع الأسعار فإن الارتفاعات التي يتوقعها تكون أقل من الواقع.
المهم في جميع الحالات أن يخرج النقيب بأرقام وتوقعات أفضل للمستهلك مما سوف يأتي به القرار الحكومي ، مما يدخل في باب كسب مودة جمهور المستهلكين بشكل مصطنع ، وكأن أصحاب محطات المحروقات أحرص من الحكومة على مصالح الناس.
من شأن التوقعات المسيسة المسبقة لأسعار المحروقات أن تحدث تشويشاً لدى الرأي العام ، دون أن تخدم مصالح المستهلكين الذين لا خيار لهم ، أو أصحاب محطات توزيع المحروقات التي عليها أن تتقيد بأسعار الحكومة ، ولا تزيد أرباحها أو تنقض من رفع الأسعار أو خفضها.
يعتقد البعض أن التنبؤ باتجاهات أسعار المنتجات النفطية ممكن على ضوء تقلبات الأسعار المعلنة لبرميل النفط الخام في السوق العالمية ، وهذا ليس صحيحاً دائماً ، ذلك أن أكثر من نصف فاتورة النفط المستورد الأردنية لا تمثل بترول خام بل مشتقات بترولية مكررة تتحدد أسعارها على ضوء العرض والطلب من يوم إلى آخر.
تعويم أسعار المحروقات ، وربط الأسعار المحلية بالأسعار العالمية (باستثناء غاز الطبخ) ، وبالتالي تحييد الموازنة العامة من تقلبات الأسعار العالمية للبترول ، كان الإنجاز الأبرز والأهم الذي تم في ظل برنامج التصحيح الاقتصادي.
(الرأي)