ينشط دبلوماسيون هذه الأيام للاستفسارعن قضايا كثيرة في عمان، والتساؤلات لها بداية وليس لها نهاية، وهي تساؤلات مهمة للغاية.
أبرز التساؤلات التي يتم طرحها يتعلق بتركيبة الأردن الداخلية، والسؤال يقول: إذا اقيمت دولة فلسطينية، وتقرر اجراء استفتاء في الاردن وفلسطين، على وحدة سياسية بين البلدين، فكيف سيصوت الاردنيون من اصل فلسطيني، من حيث موقفهم و حسبة أصواتهم، ونسبتها مقارنة بعددهم من المجموع الاجمالي للاردنيين؟!.
السؤال يضيف: هل سيصوتون قانونيا باعتبارهم اردنيين، لأنه في هذه الحالة سيصوتون لصالح الوحدة، وستكون حصتهم، مرتفعة اذا تم جمعها مع الفلسطينيين في الضفة الغربية، او بـتأثيرها على اجمالي التصويت في الأردن، باعتبارهم اردنيين.
بمعنى أن الأردنيين من أصل فلسطيني، سيصوتون عمليا باعتبارهم فلسطينيين، غير أن تأثيرهم على النتيجة سيكون أردنيا، بما سيرفع النسبة الإجمالية، لتأييد الوحدة بين البلدين، وبما يدعم بالمقابل نسبة المؤيدين في الضفة الغربية؟!.
جانب آخر من السؤال يقول: هل يمكن ان يأتي طرف ما في الأردن ويطالب بتصويت هؤلاء باعتبارهم فلسطينيين، وليسوا أردنيين، حتى لا تؤثر اصواتهم على نسبة وموقف الاردنيين من اصول -شرق اردنية- وبحيث يتوجب ان تضاف نسبتهم الى نسبة الفلسطينيين في الضفة الغربية، وبحيث يصوت الأردنيون من ابناء الضفة الشرقية فرادى، لوحدهم بشأن الوحدة.
القصد من هذا الجانب، القول ان التصويت اذا جرى بهذه الطريقة فسيؤدي الى نتائج مختلفة تماما، من حيث قراءة النسب والدلالات.
الاختلاف يأتي وفقا لهؤلاء باعتبار ان تفكيك المواطنة هنا، سيعني ان تصويت الاردنيين سيكون بين ابناء الضفة الشرقية، فقط، وليس جميع المنتمين للهوية السياسية، وهذا قد يؤدي الى رفض الوحدة السياسية مع الضفة الغربية.
قياسا على النسب المحتملة، هناك اعتقاد ان التصويت بهذه الطريقة سيؤدي الى رفض اغلبية-الشرق أردنيين- للوحدة، بخاصة اذا تم دفع الاردنيين من اصول فلسطينية، خارج اي استفتاء، وعبر حسبة اخرى تجعل تصويتهم مدموجا في النسبة النهائية مع ابناء الضفة الغربية، والذين يعيشون فيها.
سؤال خطير يقود دبلوماسيون في عمان الى استنتاجات اخطر، اذ ينزع بعضها الى الاعتقاد ان هناك من سيأتي ويطلب نزع الجنسية الأردنية كلياً عن كل المواطنين الاردنيين من اصول فلسطينية، لحظة قيام الدولة الفلسطينية، لتفادي هكذا احتمالات، اي احتمال التصويت على استفتاء للوحدة، يصوت فيه الاردنيون من شتى منابتهم عليه، او على الاقل سيتم اللجوء لوصفة اخرى تجعل نسبة الاردنيين من اصول فلسطينية مدموجة مع نسبة التصويت في الضفة الغربية، بمعنى تنقية النسب في الضفتين من تداخلات الاصول.
التساؤلات تفترض هنا أن أبناء الضفة الغربية التي يعيشون فيها، سيصوتون لصالح الوحدة وهذا قد يكون صحيحا وقد لا يكون، وتفترض ايضا أن -الشرق أردنيين- اذا صوتوا فرادى سينزعون للتصويت ضد الوحدة، وقد لا يكون الاستنتاج صحيحا، وقد لا يكون، والواضح ان «الكتلة البشرية» التي يتم الاستفسارعنها، باعتبارها «بيضة القبان»هي الأردنيون من اصول فلسطينية تحديدا.
من تساؤلات الدبلوماسيين هذه الأيام، سؤال آخر يطرح استفساراً حساساً، حول موجات الغضب ضد كيري، وهل هي مدارة رسميا، بهدف إرسال رسائل لواشنطن والعالم، ضد اي حل نهائي، ام ان الهدف توظيف هذه الموجات لرفع المنفعة المالية للاردن من الحل النهائي، ام انها تعبر عن غضب شعبي فعلي، أم أنها تعبر عن توظيفات داخلية لإثارة التناقضات والمخاوف بين الناس؟!.
عمان نشطة هذه الايام، على الصعيد الديبلوماسي، والتساؤلات الخطيرة، تحل على كثيرين، والإجابات قد تكون متنوعة، والواضح ان هناك فضولا كبيرا يقرأ افاق المنطقة، وتحديدا الاردن وفلسطين، ولربما هذا الفضول لا يقف عند حدود الأردن.
ذات التساؤلات تتنزل على نخب في الضفة الغربية، في سياق البحث عن اجابات لمختلف الملفات، والاستقراء يشمل اسماء عديدة.
كل هذا يؤشر في المآلات الى ان المنطقة حبلى بالمفاجآت، ودون تهويل فإن الترقب يبدو مفهوما لكنه يفرض ادارة يقظة، وحساسة، ازاء كل الاحتمالات في هذا العالم، بخاصة، ان اضعاف المنطقة على كل المستويات له غايات وظيفية محددة.
هذه بعض تساؤلاتهم، وعلينا ان نعرف أن هذا البلد ليس متروكا في حاله أبدا.
(الدستور)