سياسيون ومفكرون يناقشون مخاطر هجرة المسيحيين العرب
25-02-2014 04:32 PM
عمون - اكد مشاركون في ندوة بعنوان "مخاطر هجرة المسيحيين العرب في المنطقة.. الاسباب والحلول" التي نظمتها جمعية الحضارة العربية "شمل" بالتعاون مع مركز اطياف لحوار السياسات اليوم الثلاثاء، البعد التاريخي للمسيحيين العرب ودورهم البارز في نهضة المنطقة العربية.
وناقش المشاركون في الندوة التي حضرها رئيس الوزراء الاسبق طاهر المصري، والعين رجائي المعشر، والعين عبد الاله الخطيب، ووزير الاوقاف الاسبق عبد السلام العبادي، والنائب الاسبق عبلة ابو علبة، والأب رفعت بدر، وعالم الاثار ومكتشف المغطس الدكتور محمد وهيب، وادارها الدكتور محمد ابو رمان، الاضطرابات التي تعاني منها المنطقة اليوم والتي دفعت ابناء المسيحيين الى التفكير بالهجرة الى الخارج، اضافة الى العديد من المعطيات التي ساهمت في هذه الهجرة سواء الاوضاع الاقتصادية المتردية التي تعانيها المنطقة أو رغبة الشباب في البحث عن فرص عمل وحياة أفضل بشكل طوعي.
وقال رئيس جمعية الحضارة العربية "شمل" العين وجيه عزايزة في افتتاح الندوة، إن هذه الندوة جاءت لمعالجة هجرة مسيحيي الشرق، رافضا ما وصفه بمنطق حماية المسيحيين من أي جهة اجنبية، كما رفض "ان يعامل مسيحيو العرب على انهم سفراء"، مشيرا الى ان "لدينا رسالة لكل من يسهّل هجرة المسيحيين العرب بحجة الحفاظ عليهم ان ذلك يكون بالحفاظ على استقرارهم في بلدانهم".
بدوره قال المصري "انه كعربي مسلم معني بهذا الامر اكثر من المسيحيين أنفسهم"، معبرا عن القلق الكبير من موضوع هجرة المسيحيين من المنطقة.
واضاف عندما خرجت الدعوة الاسلامية من الجزيرة العربية لبلاد الشام وجدت عربا مسيحيين في بلاد الشام وحضارات متعددة يونانية واغريقية وفارسية وغيرها فاندمجت معها، مشيرا الى ان الاسلام استوعب هذه الحضارات فكان هذا عنوانا لقبول الاخر وهو من صميم الدعوة الاسلامية.
واكد ان وجود المسيحيين في بلادنا مهم للغاية ويجب اخذ كل الاجراءات والسياسات كي لا يحرم الشرق العربي من الوجود المسيحي، مبينا ان قدسية القدس بالنسبة للمسلمين تنبع من كونها مسرى الرسول عليه الصلاة والسلام وكذلك هي جزء من الديانة المسيحية كونها مدينة المسيح عليه السلام.
ولفت الى سعي اسرائيل لتهويد القدس دون التفريق بان فيها مقدسات اسلامية ومسيحية، موضحا انه "عندما تصر اسرائيل على يهودية الدولة فهذا يشمل المسيحي ايضا وليس المسلم فقط وهذا دليل على عنصرية الدولة".
وأعرب المصري "عن استغرابه لقبول الغرب بيهودية اسرائيل لأن المستهدف من هذا امر ليس المسلمين فقط بل المسيحيين ايضا"، مؤكدا ان علينا ان نعمل جاهدين لمنع وايقاف الهجرة والتحول الى اعادة المسيحيين الى البلاد.
من جهته قال الخطيب ان المسيحيين العرب ليسوا طارئين بل جذروهم ضاربة في المنطقة، مشيرا الى ان الحفاظ على التعددية الدينية هو الذي يقدم الارضية لمواجهة هذه المشاكل، ولا غنى للمنطقة العربية عن المكون المسيحي الذي وصفه بالأساسي.
وحول التسهيلات التي تقدم للمسيحيين من اجل الهجرة قال، ان هناك أفرادا آخرين لو منحوا فرص الهجرة لهاجروا، فالتواجد على هذه الارض حق للجميع، داعيا الى حصر اعداد المهاجرين واوضاعهم، ومتسائلا "هل هناك حاجة لوضع تشريعات بهدف تعزيز الاواصر بين المسيحيين ومجتمعاتهم".
ولفت الى "ان القوى الاستعمارية في القرن العشرين حاولت ايجاد فرقة بين المكونات الاجتماعية في المنطقة"، ما يتطلب، بحسب الخطيب، جهدا توعويا حقيقيا بالأسباب التي دفعت من خرج او أخرج، ومناقشة الظروف الطاردة من المنطقة.
من جانبه دعا الاب رفعت بدر الى تغيير المصطلحات المستخدمة اليوم بين اتباع الديانات، مشيرا الى ان الحوار ليس هدفا بل مرحلة للانطلاق الى مرحلة المواطنة والمساواة الكاملة في الحقوق والوجبات.
واشار الى وجود خلط بين الحرية الدينية وحرية العبادة، فلا يوجد نص صريح للحرية الدينية بل هناك حرية عبادة، موضحا ان الفاتيكان يتكلم عن الحرية الدينية كنتاج لكل الحريات وان الحرية الدينية حق لكل انسان باعتناق الديانة التي يريدها.
وتساءل "هل آن الاوان للحديث عن الحرية الدينية، فالحرية الدينية منقوصة ونحن نريد الحرية الدينية الكاملة"، داعيا الى تعظيم الصداقات والتعريف بالتراث العربي المسيحي، خصوصا انه ليس هناك جامعة عربية تدرس هذا المساق.
بدورها قالت الأمين الأول لحزب الشعب الديمقراطي الأردني (حشد) النائب السابق عبلة ابو علبة، في ورقة لها "ان التحولات السياسية الكبيرة في المنطقة العربية طرحت أسئلة ثقيلة كانت مكتومة منذ عقود، الا ان السؤال حول الهوية والمواطنة والتمييز وغياب المساواة كان الأكثر حدة وانتشاراً, والإجابات الكثيرة التي طرحت, كان معظمها منسوبا الى الاستقطابات الفئوية والجغرافية والسياسية, وقليلة هي الاجتهادات والحوارات التي تناولت الموضوع من زوايا حقوقية وديمقراطية ووطنية عامة, تلاقياً مع الروح التواقة للتغيير نحو العدالة والمساواة التي تجتاح المناخات العربية من الأقصى الى الأقصى".
وقالت إن الأنظمة العربية الرسمية التي تدين للإسلام, تجاهلت اهم ما جاء في التراث الاسلامي نفسه وهو "وثيقة المدينة", وهي واحدة من أعظم الدساتير, حيث ساوى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم بين المسلمين والمسيحيين واليهود والمشركين وعبدة الأوثان، ولم ينصّ الإسلام في اي من أدبياته على وجود الدولة الدينية.
وقالت هناك ثلاث مراحل لرصد التحولات في أوضاع المسيحيين العرب في السياق المجتمعي والتاريخي الحديث، الأولى وهي مرحلة النضال الوطني في مواجهة المستعمر, حيث شكل المسيحيون العرب جزءا رئيسياً من مكونات النضال الوطني، ومن ثم في التأسيس النهضوي الحديث، وأسهموا بجهدهم المعرفي والعلمي والإبداعي في بناء الدولة العربية الحديثة. والمرحلة الثانية بعد الاستقلال او ما بعد الحرب العالمية الثانية حيث أسهم المسيحيون العرب في بناء الأوطان بعد الاستقلال وبناء الدولة الوطنية. أما المرحلة الثالثة فهي مرحلة التوترات/ التناحرات الدينية والمذهبية, وهي المرحلة التي بدأت بعد هزيمة عام 1967حيث تراجع الحضور المسيحي بدرجة لافتة واتجه المسيحيون الى الهجرة بنوعيها الداخلية والخارجية.
من جهته قال وزير الاوقاف الاسبق عبد السلام العبادي إن موضوع الهجرة في كثير من ابعادها هي قرارات اتخذها افراد، داعيا الى دراستها دراسة تحليلية، مؤكدا رفضه لهجرة العقول والكفاءات لأن المجتمعات الغربية جاذبة، داعيا الى الحذر من تفريغ المنطقة من المسيحيين في الظروف الصعبة الراهنة وعلينا ايقاف هذا فورا.
وطالب العبادي بوضع خطة لمواجهة التطرف والدفاع عن منطق الاسلام الصحيح، لافتا الى وجود تقصير من الجهات المسؤولة حيال ذلك التي عليها كما رأى التحرك المدروس والواعي، كما دعا الى تعديل وتحسين المناهج الدينية في الاردن، في مقابل مخاطر الغزو الثقافي والتطرف، وان لا تكون معالجة التطرف بالإجراءات الامنية فقط.
من جانبه استشهد وزير الاعلام الاسبق طاهر العدوان بالمثال العراقي عن هجرة المسيحيين، مشيرا الى ان الهجرة لم تبدأ في عهد صدام حسين بل بدأت منذ الاحتلال الاميركي "بعد ان شجعت واشنطن مسيحيي العراق على الهجرة بداعي التطرف".
واشار الى وجود جدل عميق في العالم العربي حيال هجرة المسيحيين وان الجدل القائم يدور حول "هل هوية الدولة دينية ام علمانية، وماذا عن وضع المسيحيين في المنطقة"، نافيا ان يكون هناك نظام شمولي واستبدادي علماني بل هناك قرارات خاطئة من قيادات دينية مسيحية اتخذت بدعم من انظمة شمولية واستبدادية فالعلمانية ليست كذلك.
وأكد ان حل مشكلة المسيحيين مرتبطة بحل مشكلة المسلمين وغيرهم كذلك، مشيرا الى انه من دون حرية لا يمكن ان يكون هناك تنوع ثقافي، وإذا لم نكن صريحين في معالجة المشكلة بالذهاب مباشرة الى موضوع المواطنة فلن نعالج المشكلة. بترا