نظرياً فإن التعديل أو التغيير الوزاري عملية سياسية هامة لها مبررات منطقية وضرورات مرتبطة بمصلحة الدولة وقوة مؤسسة السلطة التنفيذية ونظرياً فإن أي تغيير أو تعديل ترافقه إجابة مقنعة عن سبب خروج أو دخول فلان أو علان من وإلى الحكومة وإجابات عن سبب إسناد هذه الحقيبة الوزارية لفلان أو سحبها منه أو نقله منها كما يفترض أن تعيين أي وزير في مكانه جاء بناء على سبب منطقي وبالتالي ﻻ يتم عزله أو نقله خلال شهور قليلة إلا لسبب بذات القوة.
ما سبق حديث نظري فإذا تحقق فإن أي تعديل سيجد اهتماماً وتفسيراً من النخب والناس وسيكون مبرراً في الحدوث وربما تجد من يرى فيه مدخلاً لتغيير ايجابي في اﻻداء.
الحكومة الحالية التي جاءت بعد المشاورات النيابية تشكلت في بداية نيسان الماضي تقريباً أي قبل أقل من 11 شهراً وخضعت خلال هذه الشهور القليلة إلى تعديل ومنذ شهور تلاحقها إشاعات وربما تسريبات التعديل الثاني الذي نفاه قبل أيام رئيس الوزراء لكننا ﻻ ندري إلى متى يستمر مفعول هذا النفي.
دستورياً وسياسياً فإن التغيير يتم بقرار من جلالة الملك والتعديل يكون غالباً برغبة من رئيس الحكومة وبموافقة ملكية وغالباً يكون التعديل لترميم حكومة متخمة بالضعف أو الخلافات لكن الرؤساء يريدون التعديل أيضاً كنوع من الاطمئنان على البقاء مع أننا في الأردن لدينا تجارب لم يكن التعديل ضمانة استمرار لفترة طويلة.
الناس تقرأ أخباراً منذ شهور عن تنافر بين أفراد داخل جسم الحكومة ويسمعون أخباراً عن زعل أو حرد وزير أو أداء غير مرضي لآخرين لكنهم يسألون لماذا لم يتم حل هذه المشكلات في التعديل الأول الذي تم في الربع الأخير من العام الماضي.. هذا إذا أفترضنا أن ما يقرأه الناس صحيح وليس حكايا صالونات سياسية.
نحتاج إلى مسارات تحفظ لأي تعديل أو تغيير وزنه السياسي أو وجود إجابات مقنعة عن مبرر الحدوث والقيمة المضافة الناتجة عن حدوثه لأن هذا جزء من قوة المؤسسات وﻻ نريد جميعاً أن يترسخ في الأذهان وربما يكون قد حدث أن تعديلاً يحدث لأن وزيراً أصابه الحرد أو زعل أو لأن الكيمياء ليست مكتملة بين أي اثنين من الفريق الوزاري الأساسيين بل ﻻ بد أن يرتبط تعديل أي حكومة بتوقع نقله نوعية في الأداء وليس لغايات إصلاح ذات البين.
استقرار الحكومات ﻻ يأتي فقط من خلال طول عمرها الذي يجب أن يرافقه حسن العمل بل أيضاً من خلال استقرار التشكيلة دون الحاجة إلى تعديلات متكررة في فترات متقاربة فالأصل الاختيار الحسن الذي يعطي فرصة لأي حكومة للعمل باستقرار أطول فترة ممكنة فحتى فرق الكرة ﻻ يسمح القانون لها أن تبدل أكثر من ثلاثة تبديلات خلال كامل وقت المباراة دائماً يحتفظ المدرب بتبديل حتى اللحظات الأخيرة خوفاً من إصابة اضطرارية وبخاصة لحارس المرمى.
التعديل يجب أن يبقى عملية سياسية تلفت الاهتمام ويجب أن يبقى أداة لتحسين الأداء فهو ضرورة أحياناً وما نراه من إشاعات تلاحق كل حكومة ناتج عن ممارسة عملية التعديل لأسباب بعضها ليس مرتبطاً بتحسين الأداء أو تقوية صف الحكومة.
الرئيس نفى وجود نية للتعديل لكن هذا ﻻ يعني أن الإشاعات ستتوقف بل ربما تتحول إلى إشاعات من نوع آخر ودائماً الأعمار بيد الله تعالى.
(الرأي)