مشروع قانون إلغاء القيود الأمنية
سامي شريم
24-02-2014 12:46 PM
لا شك أن نسبة كبيرة من الأردنيين عانت وتعاني من استمرار وجود قيود أمنية مُسجلة بحقهم عفا عليها الزمن ، ولا شك أن كلٌّ مِنَّا مَرَ و يَمُرُ بمراحل عمرية لها خصائصها ، كما وللبيئة الإقتصادية والأمنية والإجتماعية دور كبير في التأثير على المزاج وبما يولد أشكال متعددة من التوتر والإنفعال بين أفراد المُجتمع ما يؤدي إلى الصِدام عدا عن الاختلاف في مفهوم الحق الذي فسره السمهوري في عشر مجلدات وقال أنه لم يَفِ هذا التعبير حقه من التوضيح ما يجعل امكانية حدوث سوء الفهم والإشكالات والتصادم واردة في أية مجتمع ، و بالطبع لا يستثني المجتمع الأردني بخصوصيته وطيبة أهله وشهامتهم وكشرتهم وعصبيتهم في آن واحد .
وهكذا تُبرز إشكاليات صغيرة ومتوسطة وكبيرة تُسجل كأسباقية في قيود المؤسسة الأمنية ضد مُرتكبيها وتبقى هذه القيود تؤرق من سُجلت بحقهم (ما بقي عسيب) على رأي الشاعر، وقد منعت هذه القيود الكثيرين من ممارسة حياتهم العادية بشكل طبيعي بعد أن اصبحت مرجعاً والوصول إليها مُتاحاً لمعرفة الماضي الأسود والرمادي لطالب الوظيفة وطالب الزواج وطالب الصداقة وطالب الجامعة في الدول التي تُصرُ أحياناً على حصول الطالب على عدم محكومية أو حسن سلوك لمُتابعة الدراسة ، وهكذا وقفت هذه القيود حجر عثرة في طريق من قاده سوء الطالع وعامل الصدفة ليكون طرفاً في قضية لا ناقة له فيها ولا جمل!!! كما وأن هناك من أخطأ وأدرك فداحة الخطأ الذي ارتكبه وعاد تائباً وندم على ما فعل وليس من معصوم وكل ابنُ آدم خَطَّاءْ وخَيرُ الخطَّائين التوّابون ، والخطأ يُعلّم الرجال ويثوب بهم إلى الرُشدّ وهو من طبيعة البشر التي فطرهم الله عز وجل عليها فلا نفترض المثالية في الناس ونحاسبهم على أساسها بل يجب معاملتهم معاملة واقعية تنبثق من طبيعة النفس البشرية وواقعيتها ، حيث يجب أخذ ذلك كله بعين الاعتبار لدى واضع القوانيين والأنظمة والتشريعات وبما يُسهل حياة البشر والتي تعمل كل سُلطات الدولة من أجل رفع سويتهم وإسعادهم .
كما أن هناك أحداث ناقصي الأهلية قاموا بالفعل في سن مبكرة وبدون تمييز ودراية ، تبقى هذه القيود ترافقهم طيلة حياتهم تُنغص عَيشهم وتُعطل فُرَصهُم في التقدم والنماء وبما يتعارض مع دور الدولة في تقديم الرعاية والحماية لأبناء الوطن ممن ارتكبوا الأفعال الصغيرة كالمُشاجرة والشتم مثلاً ، ونحن هنا نفرق بين نوع الجريمة المرتكبة وإذا كانت جُنحة أم جناية ومدى تكرارها وتاريخ تكرار الفعل الأخير .
مما تقدم آمل أن يَتَقدم نواب الأمة بمشروع قانون يُساعد في تخفيف المُعاناة على الكثيرين ممن تؤرقهم هذه القضية بحيث يتم إلغاء القيود عمن عاد إلى جادة الصواب ومن ساقته الأقدار ليقترف جُنحة أو جناية وتاب إلى ربه وعاد إلى مجتمعه ليشارك في نماءه ورفعته حتى لا تبقى عَقبة في طريق المستقبل لأبناء الوطن، على أن تُوضع ضوابط لمن لم يقترف أية إساءة خلال السنوات الخمس الأخيرة على أن تُعاد القيود جميعاً لمن عاد للفعل المُجرم حتى يُفكر ألف مرة قبل أن يعود لسيرته، في اعتقادي هذه الخطوة ستُسهل على الكثيرين العودة المُظفرة إلى صفوف الأمة للمُشاركة في بناء الوطن وقد جاد التاريخ بأمثلة كثيرة لمُبدعين مارسوا كل أشكال الشذوذ في حياتهم ولكنهم وعندما تفرغوا للإبداع رفعوا أوطانهم عالياً وخدموا البشرية جمعاء !!! اقرَؤوا كتاب رباعيات الشذوذ والإبداع للدكتور رمسيس عوض حيث يورد قصصاً وممارسات تشيب لها الولدان لكثير من العظماء.