إن العزة لله جميعاً ، ومن إِعتز بغير الله ذلَّ لا محاله ، حتى وإن زانت له الحياة ردحاً من الزمن ، ومن توكلّ على الله حق التوكل فهو حسبه ، وسبحانه عزَّ من قائل إذ يقول في محكم كتابه العزيز " ولا تطع الكافرين ، والمنافقين ، ودع أذاهم ، وتوكل على الله ، وكفى بالله وكيلا " صدق الله العظيم .
عجيب أمر السواد الأعظم من الناس في هذا الزمان ، فالوسيلة للوصول إلى المبتغى مشروعاً كان أم غير مشروع ، هو بالتقرب والنفاق لكل صاحب " شأن " يملك القرار أو المال والجاه، إذ بمقدوره وفق فهمهم الأخذ بأيديهم إلى حيث يتطلعون ، ناسين أو متناسين ان الأمر كله بيد الله جلت قدرته ، وان لا احد بمقدوره نفع آخر أو ضرره إلا بأمره سبحانه ، فالكون كله وبكل ما فيه من عظمةٍ يصعب إدراكها كاملة ، هو صنعة الله وبيده وطوع جلال أمره جلّ وعلا ، ولا شأن لبشر فيه من قريب أو بعيد ، قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .
حال الأمة اليوم أفراداً أو جماعات يبعث على الاسى ، فهي أمة صارت مجرد " لمَّهْ " من أجساد متناحرة على السلطة والجاه وما إليه تقود ، وكل شيء بات في شرعيتها مباح لبلوغ الغاية ، أيا كانت الغايهْ ، حتى صارت مجتمعات نفاق بكل مخرجاته ، وأخطرها النفاق السياسي الذي تمارسه " نخب " طمعاً في السلطة والجاه ، فالكل عينه على " الصف الأول " يريد ان يكون هناك باي ثمن ، وليذهب غيره إلى الجحيم ! .
حال الفرد والجماعة والمجتمع والأمة في عالمنا العربي اليوم يثير الحزن حقاً ، فالحاكمون وأزلامهم متمترسون لا يتنازلون حتى لو كان ثمن ذلك قتل الشعب كله ، والشعوب يكافح بعضها وبعضها بانتظار المجهول وبعضها الآخر يمارس النفاق ذاته بحثاً عن صيد، وتستمر آلة القتل في حصد الأرواح وإراقة الدماء وتشريد الأطفال والشيوخ والنساء إلى حيث ألقت ، ما دام المقابل هو بقاء الحاكم ! .
هناك من يقترح على الشعوب المقهورة المغلوبة على أمرها في دنيا العرب ، ان تهاجر كلها وتترك بلادها للحاكم وأزلامه وحدهم ، أملا ً في أن " يصفي " هؤلاء بعضهم بعضاً بعد إذ لا يجدون شعباً للقتل والتشريد !، مادام الرجاء والتوسل والكفاح لا يجدي نفعاً مع حاكم يملك من العسكرة ودعم منافقي العالم ما يؤهله لمزيد من الدم والقتل والاستباحة .
ان النفاق " أُس" المشكلة ، وهو نفاق يقود الناس إلى الاعتزاز بغير الله الواحد الأحد ، ويأخذهم بعيداً عن جادة الحق والصواب حاكمين ومحكومين ، فتصبح الدنيا الزائلة هي كل همهم ، ولا وجود لتقوى الله في حياتهم ، وحتى الكثير من أدعياء التدين منهم ، صاروا هم مشكلة الأمة ، وهم الباحثون عن السلطة باسم الدين ، ويختلط الحابل بالنابل كما يقولون ، في مشهد عربي عام اقل ما يمكن ان يقال فيه انه مخزٍ بامتياز ! .
لو آمن الناس بالله العلي القدير حق الإيمان، ولو تعاملوا مع الله بما يستحق من طاعهْ، ولو حاول الفرد منهم الاقتداء بخلق وسيرة محمد صلوات الله وسلامه عليه ، لقدموا للكوكب كله أُنموذجاً حضارياً رائعاً للمجتمع الراقي في سلوكه ومنجزاته ، ولكانوا القدوة الحسنة لكل بشر يحيا على سطح هذه الصخرة العظيمة التي تدعى الأرض ! .
وبعد ،،
كيف لبلاد منها وفيها محمد وعيسى وموسى صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً وتختزن أرضها وقود الحياة للكون كله ، ان لا تكون امتها خير أمة أخرجت للناس حقاً ! ، لكنها أمة نفاق بلا هوية أو عقيدة أو إنسانية ، صارت شراذم كغثاء السيل وانقطعت تماماً عن الأمة الحقة وأصولها وأجيالها التي كانت مصدر هداية ونور للبشرية كافة ، وغدت نهباً لـِ " همل " العالم وطامعيه وطامحيه، فهل هي حضارة سادت ثم بادت، نسال الله ان لا تبيد مادام فيها من يشهد بان لا إله إلا الله ، وان محمداً رسول الله ، وحاشى ان يجدي النفاق مع الله ، ومن أراد العزة لله وحده ، يوم لا ينفع ظل إلا ظله .
وهو من وراء القصد .