عمون - ابو تيسير ..قصة كفاح ولدت مع صرخاته يوم ولادته واستمرت معه سنوات طويله حتى توالت السنوات والعقود ليرتاح بما انتج ثمره من الابناء لهم اخلاق الفرسان وعائلة كريمة وسمعة لا تليق الا بالشيوخ الاجلاء في محافظة اتشحت حزنا يوم وفاته وترطبت تربة اربد الحمراء دمعا لتضمه بينها حضنة الاب للابن .
على مدى عقود خلت كانت كلماته قاموسا يعود اليها الجميع للتفكر بها حتى اولئك الذين كانو يخالفونه الراي كانو يعودون اليه ويقرون بحكمته وبصيرته وحينما يتحدث يبدأ بحك جبينه من الاعلى ويسحب نفس سيجارة الروثمان ويصمت ثوان وبعدها يبادر الحديث مع ابتسامة رضى ومحبه ولذلك تجد حديثه يدخل القلب مباشرة فهو صادق النصح وصادق الحديث .
في بداية حياته لم تكن بالسهلة ولم يكن هناك ملعقة من ذهب ولكن كان هناك تعب وعرق جبين وعمل تحت السنة الحر فكانت تختلط بماء الوضوء للصلاة حتى يبدأ بالله اكبر ليعود الى منزلة بعد تعب ليجد الابناء بالانتظار وهو يحمل بين يديه ما جناه من تعبه الحلال لينسى كل التعب بعد ضحكة الابناء وابتسامتهم ومرت سنوات يكبر فيها العمر والتعب ويكبر الابناء ليشق كل منهم طريقه في الحياة متسلحين بدستور والدهم الذي رباهم عليه ويرقد في منزله مطمئن بعد كل هذه السنوات وهو يعلم انه راض كل الرضى عنهم كيف لا وهم نسخة منه همهم رضى الله والوالدين وفعل الخير والايثار .
الاهل لم يكونو عائلته فقط بل كان كل من يعرفه هو من اهله فكان ناصر المظلوم ومصلح ذات البين وحمامة المسجد كما قال عنه جيرانه وكان والد اليتيم ومصدر خير للمحتاج وحكيما لمن تاهت به الحياة .... لم يبق احدا من عائلته الكبيرة (اربد) الا وبكاه حزنا على فراق شمس كانت تسطع بينهم كل يوم فكيف لا ودلة ابو تيسير وفناجينها اختفت حزنا عليه كيف لا والوجيه والمرشد يوارى الثرى بعد هذه الحياة ... نعم الموت حق لكن امثال ابو تيسير لا تشعر وانت معهم الا بالامل والمستقبل المشرق فكيف وصل الخط الى نهايته؟ ... اين ذهب ذلك الشيخ الجليل بلباسه العربي الاصيل ؟ اين رائحة قهوته وصوت فناجينه التي تنتظر الضيوف؟ اين المرجعية لتعقيدات الامور ؟ اين ذهب فكاك النشب مصلح ذات البين؟ اين ذهب الذي يمسح على راس اليتيم وينفق على المحتاجين وطلبة الجامعات؟ اين ذهب الذي يتفقد البيوت المستورة واهلها ؟ اين ذهب صمام الامان بين الناس ؟ اين ذهب من يصلي في المسجد ويعلو صوته بالله اكبر ؟ ... لا صوت يجيب الا صوت الاذان ليذكر الجميع بان الله اكبر وما ابو تيسسير الا قد لبى نداء ربه ضيفا في جنان الرحمن مع الانبياء والصديقين ليترك شجرة خير من الابناء تمتد في كل الاتجاهات لتكمل مسيرته الطيبة وتبقى رائحتهم مسك بين الجميع وهي الشجرة الطيبة التي اسمها المرحوم باذن الله الحاج راجح احمد حبوش "ابو تيسير" ... الفاتحة على روحك الطاهرة ايها الشيخ الجليل فنم قرير العين وهنيئا لك محبتك بين خلق الله وهنيئا لك الابناء الصالحين وستبقى في قلوب كل ابناء اربد وسنذكرك بكل صلاة انك كنت رفيق المصلون في المساجد ...الفاتحة