المنح الخارجية .. منظومة لا تسد جوعا ، ولا توقف عجزا او مديونية
مثقال عيسى مقطش
23-02-2014 02:49 AM
سؤال طرحه البعض ببساطة : اذا كان الاردن لا يعتمد على المنح الخارجية .. اذن على ماذا يعتمد !؟
والسؤال باستهجان واكبه استفسارات في مقدمتها : ما هي الميزة النسبية الملاصقة للنهج الاقتصادي ، وتشكل عمودا فقريا في الدخل القومي الاجمالي !؟ هل هي الزراعة التي تئن بين مطرقة التخطيط وسندان الواقع المائي والتسويقي .. ام هي السياحة التي في الظاهر تسهم بنسبة 13% من الدخل القومي الاجمالي ، وهي في تراجع !؟
وهناك وجهة اخرى لهذا التصريح ، تثلج الصدر بواقع لم يدركه البعض ، وهو التمسك بالقول أن : الاردن دولة انتهجت الاعتمادية على الذات ، ورغم الموارد الضعيفة ، الا انها بهمة ابنائها ، استطاعت ان تسير قدما ، ورؤيتها محددة باتجاه اهداف يتطلع الجميع الى تحقيقها ، عبر تخطيط استراتيجي ثابت ، ومنهجية تنفيذية متكاملة ! ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن !!
ويبقى السؤال قائما : هل تفاقم المديونية وعجز الموازنة من تداعيات الازمة العالمية او الازمات الاقليمية ، ام من صنع الاردن ذاته .. ام من جميع المصادر بنسب متفاوتة !؟
وواقع الحال .. ينتاب المواطن طمأنينة ، عندما يرى ان منهاج عمل الحكومة ، يقوم على محاور .. وان الجانب المطمئن هو : ان الحكومة اعترفت ببؤر الفقر الواسعة ، الى درجة انها اشارت الى المحافظات ، الموجودة فيها بنسب عالية ، اكثر من غيرها !!
وحيرة المواطن الاردني تبقى قائمة ومؤلمة ، طالما التغذية الراجعة من التخطيط ، لا تعكس الرضى القائم على توفير الحد الادنى من متطلبات المعيشة ، لنسبة تصل الى 80% من السكان ، وهم فئات متقاربة الدخل من الفقراء !
ولقد عكس الواقع الحياتي ، ان حد الفقر في العاصمة عمان بلغ 500 دينار ، وفي المحافظات تراوح من 300 الى 400 دينار ، وليس هناك توجهات لرفع الحد الادنى للرواتب.. وهذا هو التوجه العملي لمعالجة المعاناة ، التي يعيشها الغالبية العظمى من فئات المجتمع !
ان الملامح العامة ، في الحقبة الزمنية للسنوات القليلة المقبلة لغاية 2017 تستند الى اعادة ترتيب الاقتصاد ، بحقوله وميادينه المختلفة ، عبر توليفة معينة من القوانين والتشريعات والانظمة والاجراءآت ، وولادة المجموعات الاقتصادية الكبيرة بالاندماج او بتضخيم رؤوس الاموال ، للوقوف بقوة امام استمرارية تداعيات المديونية ، والعجز في موازنات الدولة !
ان المنح الخارجية .. سلاح ذو حدين له ايجابياته وسلبياته .. ولكن مهما كبرت وتضخمت ارقامها .. فانها تبقى مؤقتة ومرحلية .. وتعكس اهمية تحقيق الاستغلال الامثل لمواردنا المتاحة ، ومن ضمنها المنح الخارجية !! لكنها حقيقة مرّة : منح لا تسد جوعا .. ولا توقف مديونية ، او عجزا في موازنة دولة !