أكثر من سبب يدفعنا للكتابة إلى دولة رئيس الوزراء هذا اليوم، أولها: أن الحكومة هي صاحبة الولاية العامة المكلفة بتسيير شؤون الدولة كافة إلا ما استثني بقانون بموجب أحكام الدستور الأردني.. والموضوع الذي نكتب به لم يُستثن من صلاحيات الحكومة.
السبب الثاني للكتابة لرئيس الوزراء، هي المادة التي ينتهي بها كل قانون نافذ في بلدنا، والتي تنص على أن رئيس الوزراء والوزراء مكلفون بتنفيذ أحكام هذا القانون. والقضية التي نطرحها اليوم تستند إلى نصوص من مختلف مستويات التشريع الأردني، ابتداءً من الدستور وانتهاءً بالبلاغ مرورًا بالقوانين والأنظمة والتعليمات.
أعني بها قضية الأسماء التجارية للشركات، والمحلات، والمعارض، والمقاهي والمطاعم، التي يشكل وضعها الحالي مخالفة صريحة للتشريع الأردني بكل مستوياته، ودليل إدانة للحكومة يؤكد تقصيرها في تطبيق القوانين والأنظمة المكلفة بتنفيذها، فكل من يتجول في شوارع مدننا، وخاصة شوارع عمان الغربية، لا يحتاج إلى كبير عناء ليلاحظ أن اللغة العربية تكاد تكون معدومة على لافتات الشركات، والمحلات، والمعارض، والمطاعم، والمقاهي، وفي قوائم موجوداتها، التي صارت جلّها تكتب بغير اللغة العربية، وهذا مخالف للدستور الذي ينص في مادته الثانية على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد، مما يعني ان كل المعاملات والمخاطبات، يجب ان تكون باللغة العربية. بالإضافة إلى المادة الثانية من الدستور، فإن المادة السادسة من قانون الأسماء التجارية لعام 2006، النافذ تنص على أنه يجب تسجيل الاسم التجاري باللغة العربية.
بالإضافة إلى المادة السادسة من قانون الأسماء التجارية، فإن التعليمات الداخلية الصادرة عن دائرة مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة لعام 2011، نصت على أن لا يكون الاسم إلا عربيًا.
غير الدستور والقانون والتعليمات، فإن المادة الثانية من تعليمات ترخيص وسائل الدعاية والإعلان في منطقة عمان الكبرى رقم – 1 – لسنة 2006، نصت على انه «يجب أن تحوي أية لافتة رسالتها باللغة العربية».
الاستثناء الوحيد المتعلق بالأسماء التجارية، وجواز ان تكون نسبة ضئيلة وفي حالات محددة غير عربية، هو ما ورد في بلاغ رئاسة الوزراء رقم 30 لسنة 1997، الذي حصر التسميات الأجنبية بالشركات الأجنبية العاملة في خارج الأردن، إذا رغبت بالعمل في الأردن، على أن يقترن اسمها بإضافة كلمة «الأردن» أو «الأردنية»، وبموافقة وزير الصناعة والتجارة على هذا الاستثناء.
لكن واقع الحال يؤكد أن الاستثناء صار هو القاعدة حتى بدون موافقة الوزير المختص، وصار البلاغ أقوى وأمضى من التعليمات والأنظمة، والقانون، والدستور..
فصارت جلّ الأسماء التجارية في بلدنا أجنبية، وتُكتب بغير اللغة العربية، وهو خلل لا بد من إصلاحه احترامًا لتشريعاتنا - وفي مقدمتها الدستور- واحترامًا لثقافتنا، واللغة عنوانها ووعاؤها ومضمونها، وأداء لواجب الحكومة المكلفة بتنفيذ القوانين والتشريعات، وتحقيقًا لأملنا بكم يا دولة الرئيس. فهل نقرأ قريبًا عن قرار من دولتكم يُلزم وزارة الصناعة ومعها أمانة عمان، وبلديات المملكة بالتقيّد بأحكام التشريعات النافذة عند إصدارها، أو تجديدها لرخص المهن لنعيد لمدننا هويتها العربية، وللغتنا الاحترام الذي تستحقه؟.
وفي إطار حديثنا عن اللغة العربية نحب ان نستطرد لنتمنى على دولة الرئيس، وهو المحب للغة العربية إلى درجة الوله، والمتقن لها حتى تكاد تخرج مفرداتها من بين شفتيه وكأنها لحن موسيقى عذب لحبه لها، وإتقانه لقواعدها، وللحديث بها رغم ان دولته يجيد التحدث بأكثر من لغة أجنبية إلا أنه ينحاز للغته الأم، لذلك نتمنى على دولته إصدار تعميم يؤكد فيه على جميع المسؤولين الأردنيين، التحدث باللغة العربية في محادثاتهم الرسمية مع أي وفد كان، أسوة بكل الدول التي تحترم وفودها سيادة بلادها وثقافتها، فلا تتحدث بلغة غير لغتها الرسمية الأم، رغم إتقانها للغة الضيف الذي تتحدث معه أو تفاوضه فلا تتحدث إلا بلغتها هي، معتمدة على الترجمة في نقل ما تقوله إلى الطرف الآخر، ونظن ان سيادتنا وثقافتنا ولغتنا تستحق منا ان نحترمها احترامًا لذواتنا.
كما نتمنى ان يؤكد البلاغ الذي نرجو ان يصدره دولة الرئيس، على ضرورة كتابة النسخة الرئيسة المعتمدة من أية اتفاقية، تبرمها الحكومة، أو إحدى مؤسساتها باللغة العربية .
(الرأي)