ابراهيم السعافين .. نفس طويل وموسيقى ومواد شعرية
20-02-2014 05:50 PM
عمون - تتميز قصائد مجموعة "حوار الحكايات" للشاعر الاردني ابراهيم السعافين بالنفس الطويل والموسقة البارزة وبالقدرة على تحويل موضوعات مختلفة الى مادة شعرية تتخذ لها موقعا في النفس.
الا ان معظم قصائده او كثيرا منها يمكن ان يقال عنها انها وصفية تركز على الخارج وقليل مما ورد بها نتاج وجداني يغوص في النفس. انه يحمل النفس الى العالم الخارجي ويصفه بقدر كبير من الصور المجازية والموسيقى والايحاء.
وقد اشتملت المجموعة على 20 قصيدة وجاءت في 142 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت.
ولابراهيم السعافين استاذ النقد الحديث في الجامعة الاردنية عدد من الكتب بين مسرح وشعر ورواية ودراسات نقدية وقد فاز بجائزة الملك فيصل العالمية عام 2011 وقبلها بجائزة الدولة التقديرية في الاداب في الاردن.
استهل الشاعر مجموعته بقصيدة طويلة في عشر صفحات امتزجت فيها الازمنة العراقية الخوالي بآلام الحاضر وافاد فيها الشاعر من الانعطاف نحو التارخ والربط بينه وبين الحاضر الدامي. وقد حملت القصيدة عنوان (تحلم اكّد..تسأل سومر).
ويذهب الشاعر في رحلات تاريخية بعيدة ثم يعود الى الحاضر في ربط شبه خفي بين الازمنة لكن قصيدته لا تغرق تحت ثقل المادة التي يعرضها فهو يحولها الى مادة شعرية مموسقة ويقدم لنا قصائد بينها ما يتسم بالطول.
وابتدأت القصيدة على الشكل التالي وبسمة قصصية وسمات ملحمية احيانا "وتحلم سومر بالافق المختبي في الظلال/ وتومىء اكّد:/ ماذا جرى خلف تلك المحيطات/ عبر الجبال؟!/ وماذا جرى في رؤوس المقيمين في حجرات البوارج/ في ردهات الفنادق/ في قلوب الذين مضوا للنهايات/ وسط الكهوف/ كأن الزمان بلا شارة للزمان/ ولا للمكان.
"وتسأل سومر وهي تقلب اوراقها/ في العصور العتيقة:/ ما سئم الفاتحون لباس المغامر في البر والبحر/ حتى اطلوا علينا جرادا ثقيلا/ يسد عيون الفضاء؟/ لتهمي القذائف/ ولا مطر العشب يهمي على الناس/ عطشى/ ولكنها النار تحرق وجه السماء."
وينتقل الى القول في مكان اخر من القصيدة "تقولون: كان الخريف يمزق احلامنا/ في الضفاف البعيدة/ كان الشتاء يفر بعيدا/ لئلا يصادف ظمأى النخيل/ وكان الذباب يمرغ احلامنا/ في النفايات/ كان فراق الاحبة لازمة من زمان الاحبة/ في كل جيل."
ويضيف السعافين قوله في القصيدة "ويشرب غربان روما على الرمس/ نخب الرجوع الاخير/ وماذا تخبيء احلام روما سوى الموت/ في الكاتم المنبري للضحايا/ وسود المدى للضياء المحوم/ في الجو/ للرجال الذين تناهوا الى الحلم جوعى/ لكل كلام يطير."
وينهي القصيدة بالقول "تأمل فهذي حرائق اكّد/ والطير بالزغب الارجواني/ يبزغ لا من لجة الوغى غضا/ وحفل اللهيب ينير الفضاء/ يغرد ممتشقا حلمه/ في ربيع الدمار/ ويلثغ طفل بكى فوق تلك الخرائب/ والليل محتدم بالرحيل/ يحث ملوك الطوائف/ يرخي على كل حي ستار/ وتزهو النوارس في كل فج/ واطفال سومر يبكون ضحكا/ وليل الطوائف/ ليل المجانين/ يرخي على كل دم دثار/ ويسرع في لجة الامس/ حينا يجدّ/ وحينا يمدّ/ فلم يبق في الروح الا الفرار."
وفي احد اقسام قصيدة عنوانها (المستوحد) يقول "وحدهم حملوا الحلم/ واقتسموا الملح والجرح/ والصبر والغدر/ قالوا سنحرس حلم الصبابا/ونبذر في المرج قمح الحكايا/ ونخزن احلامنا في الخوابي التي بللتها/ طيوف الاحبة/ احلى المواويل والاغنيات/ تطل على الغد بالامسيات الندية/يشتمل الشوق فينا/ فنحيا الوقائع حينا/ وتلتبس المعجزات.
"سنرحل/ لكن الى اين؟/ نرحل في الوهم/ لكن الى الوهم/ كل المدارات تغلق الا مدار العصافير/ تعرف اعشاشها/ تطير تطير على وقع احلامها/ تغادر كل الفضاءات نحو الفضاء العتيق.
"وحدهم عرفوا سر احلامهم والمجال مضيق/ وحدهم اتقنوا لغة الصمت/ وحدهم دخلوا لجة الوقت/ وحدهم حاوروا الرغبات القليلة/ وحدهم عبروا في الهزيع الاخير/ الى شاطيء الحلم والذكريات الجميلة/ في رسو الجبال سنابكهم/ يستعيدون قهر الليالي/ وكل الرغاب بدت مستحيلة."
وفي عنوان مستعار من شكسبير هو (حلم ليلة صيف) يقول الشاعر "ارى في المنام انثيال الهبات/ وترنيمة الخصب في شجر الشوق/ تسبح فوق الغيوم الرقيقة/ تنادي على الراحلين الى لغة المتعبين/ الم يأن للروح ان تتقطر عشقا جميلا/ على الارصفة.
"ارى في الغمام جدائل شاردة/ والخيول على افق الريح جذلى/ ترقص. تصهل. لا تنحني للعواصف/ خصلاتها تتبعثر عند لقاء المجرات/ في رحلة العشق لا تتخلف الا اذا/ عانقتها النوارس تلمع من زبد البحر/ جذلى من الوله المستكن/ وللصدر فاتحتان:/ هنا مرمر وهنا وردة من رخام."
وفي قصيدة (تسقط سنة) يقول الشاعر "دحرج سنة/ وانا ارقب شلال الزمن العاتي/ يتدفق في صدر الاحلام/ ويفتت صخر الايام العجلى بالايام/ تتناقص قائمة الرغبات/ قال الاخر:/ تتلاشى. للاحلام مذاق العسل البري/وللرغبات نصاعة وجه الايل السارح/ في طيف غزالة". رويترز