عمل كينيث والتز (1924-2013) أستاذ شرف للعلوم السياسية بجامعة بيركلي في كاليفورنيا. وهو أحد مؤسسي المدرسة الواقعية في نظرية العلاقات الدولية. وكتابه "الإنسان والدولة والحرب"، هو أطروحته للدكتوراه العام 1954 من جامعة كولومبيا، والتي عمل فيها أيضاً أستاذًا لفترة طويلة. وقد نشرت مؤخرا مؤسسة كلمة (هيئة أبو ظبي للسياحة والثقافة) ترجمة عربية للكتاب.
يصف والتز كتابه في المقدمة بأنه لا يمثل نظرية في السياسة الدولية. ولكنه على أي حال وضع أساساً لنظرية، وطور مفاهيم، وعين مشكلات ما تزال تقلق الدارسين وصنّاع السياسة.
يفسر الكتاب كيف تنشأ التوازنات من الوضع الذي تتواجد فيه الدول كلها؛ وليس نتيجة خبث الناس أو الدول. ففي نزعتها المتأصلة إلى التوازن، تندلع الحروب للأسباب نفسها التي تدعو إلى التعاون؛ فالصراع يكمن في طبيعة النشاط الاجتماعي أكثر مما يكمن في طبيعة الناس أو الدول. والصراع أحد النتائج الجانبية للتنافس والتعاون؛ لأن الدول في سعيها للاعتماد على نفسها، تهتم بالوسائل التي تحميها وتحمي مواردها.
هل الحرب مجرد ضغينة جماهيرية، وبالتالي يكون تفسير الضغينة هو تفسير للشرور التي يقع الناس فريسة لها في المجتمع؟ يقول تافت: "لقد أظهر التاريخ أنه إذا أعطي الشعب فرصة ليقول كلمته، فإنه -من دون شك- سيدلي بصوته ما أمكن لصالح السلام. وقد تبين في كل زمن أن الحكام المستبدين أكثر ميلاً للحرب من شعوبهم".
ولكن يقول والتز: "لا يمكن للطبيعة البشرية أن تفسر الحرب والسلام؛ برغم أنها تلعب دورا فيهما (الحرب والسلام). ويرى أن الاهتمام الزائد بالسبب الجوهري للصراع يفضي إلى الابتعاد عن التحليل الواقعي للسياسة العالمية".
يوجز والتز مضمون التصور الأولي للسؤال "كيف نفكر في الحرب والسلام؟"، في أن الشر المتأصل في البشر أو سلوكهم غير اللائق يفضي إلى الحرب، وأن الصلاح الفردي لو أمكن تعميمه وجعله شيئا عالميا فسوف يوصلنا إلى السلام. وفي نظر كثيرين، فإنه من الممكن إصلاح الأفراد إصلاحا كافيا للوصول إلى سلام دائم في العالم.
هنا يسأل والتز: هل أن البشر صالحون معناه أنه ليس هناك مشاكل اجتماعية أو سياسية؟ ولكن ما معنى "صالح"؟ المسألة أن جميع الفلاسفة الذين فكروا في المسألة لاحظوا وجود الصراع، وسألوا عن السبب، وألقوا اللوم على واحدة أو عدد من السمات السلوكية.
لقد شُغلت العلوم السلوكية بالظاهرة. ويستعرض والتز كثيرا من هذه النظريات والمحاولات البحثية والفلسفية لفهم الحرب والسلام. وهذه المعرفة العلمية لعلاقاتنا الاجتماعية -كما يقول هيلموت كاليس- تساعدنا على إيجاد وسائل ثقافية تحقق للبشرية في معيشتها مستوى أفضل.
(الغد)