المريول الأبيض .. فريسة العنف
جهاد المحيسن
19-02-2014 02:51 AM
في خبرين متصلين نشرتهما "الغد"، أمس، تبرز ظاهرتان من المظاهر المقلقة والجديدة على المجتمع الأردني، وتحديدا في القطاع الصحي.
الخبر الأول يقول: أكدت الجمعية الأردنية لحماية الكوادر الصحية (حماية) "أن ستة اعتداءات وقعت على أطباء منذ بداية العام الحالي، أربعة منها وقعت مؤخرا". وأن "اعتداءين وقعا في مستشفى البشير، فيما وقعت اعتداءات أخرى في مستشفى الأمير فيصل بياجوز". مشيرة إلى إدخال أحد الأطباء المعتدى عليهم إلى العناية المركزة إثر الاعتداء. وفي مستشفى الكرك "وقعت اعتداءات جسدية ولفظية على كادر طبي كانت الإصابات الناجمة عنها طفيفة. كما وقع اعتداءان منفصلان على طبيبي طوارئ في مستشفى النديم بمادبا، تم توقيف أحدهما كأول حادثة توقيف لطبيب معتدى عليه"، بحسب الجمعية.
أما الخبر الثاني، فيتناول تعرض قطاع الصيدليات والصيادلة للاعتداء من قبل ذوي أسبقيات ومدمنين ولصوص، خلال عمل الصيادلة في صيدلياتهم. وهو ما يرجع في جزء منه إلى "ضعف الرادع العقابي للمعتدين". وتؤكد النقابة أنها سجلت نحو 20 اعتداء على صيادلة العام الماضي، في حين يشير التقرير المنشور إلى أن الرقم يتجاوز هذا العدد بكثير، وأن خوف أصحاب الصيدليات من التصريح أو تسجيل شكاوى بحق المعتدين، يعود إلى خوف هؤلاء من الثأر الذي يمكن أن يواجهوه.
أصحاب "المراييل البيض" أصبحوا في خطر يتهددهم. وهذه السلوكات التي كانت تتم بشكل عفوي ربما في بعض الأحيان، وفي سنوات ماضية، أصبحت حدثا متكررا لا يمكن السكوت عنه. فالعقوبات التي يواجهها مرتكبو مثل هذه الجرائم لا تتناسب وحجم الجرم المقترف. وعندما يضع الكادر الطبي أو الصيادلة أيديهم على قلوبهم قبل توجههم لمستشفياتهم أو صيدلياتهم، فإننا سنكتشف لاحقا حجم الفوضى التي سيعيشها المجتمع إذا ما استمر هذا السلوك العدواني على هذه الشريحة المهمة في المجتمع!
المسألة لا تتعلق بواجب الدولة وحدها في إعادة النظر في قوانين العقوبات التي لا تقدم ولا تؤخر في وضع حد لهذه الظاهرة، بل هي مسألة تتعلق بالمجتمع ككل، ليعيد إنتاج منظومته القيمية بما يتناسب مع التحديات التي نواجهها، خصوصا مع تزايد مظاهر الانفلات الأمني، في الأعوام الأخيرة تحديداً، التي صاحبت الخريف العربي، والتي أُفسح المجال فيها لأصحاب السوابق أن يعيدوا تنظيم أنفسهم، ويتمردوا على الدولة والمجتمع.
وفي حالات كثيرة جرى توظيفهم لممارسة أدوار مشبوهة، ما أعطاهم الحرية في توسيع إطار اعتداءاتهم!
المطلوب منا العمل كوحدة واحدة للحفاظ على أمننا المجتمعي كأفراد. وعلى الدولة من جانبها لجم المعتدين على الكوادر الطبية أو غيرها من الفئات الاجتماعية، وتغليظ العقوبات، بحيث لا تسمح العقوبات الجديدة بعودتهم إلى الشارع مرة أخرى، ليمارسوا سلوكيات أكثر عدائية.
فالتجارب المحيطة بنا تقول إن مثل هذه الفئات الخارجة على القانون هي أولى الفئات التي يتم توظيفها لبث الفوضى!
(الغد)