مشكلة دعم الخبز كانت تشكل شوكة في حلق الحكومة، لأن رفع سعر الخبز يؤثر على شعبيتها الغالية، والشعبية مهمة ولها أولوية حتى بالنسبة لحكومة تقول إنها لا تسعى للشعبية بل تقرر ما فيه المصلحة العامة!.
أحد العباقرة قدم للحكومة الحل البديل على طبق من فضة، وهو زيادة رسوم الإقامة والعمل لغير الأردنيين، أي أن ما كانت الحكومة ستوفره من تخفيض الدعم ستحصل عليه من الرسوم المفروضة على غير الأردنيين وبذلك تستعيض عن القرار الصعب بقرار بمنتهى السهولة.
يمكن اعتبار هذا الحل مناسباً لو كانت المشكلة منظورة من وجهة نظر الخزينة فقط، وأن المقصود بتخفيض الدعم هو فقط تخفيض العجز في الموازنة، ذلك أن الإيرادات الإضافية من رفع الرسوم تغني عن رفع السعر!!.
لكن المشكلة أعمق وأبعد من هذا، فتثبيت سعر الخبز كما كان قبل عشرين عامأً وإلى ما لا نهاية، لا يشكل نزيفاً للمال العام فقط، بل يؤدي أيضاً إلى الإسراف والهدر، ذلك أن نسـبة هامة مما ُيلقى في حاويات الزبالة هو من فضلات الخبز الجاف، كما قيل أن الخبز يستعمل لإطعام المواشي لأنه أرخص من العلف!.
الحل الذي خرجـت به الحكومة قـد يوفر لها بعض المال، وهذا حسن، وكان يمكن الأخذ به بصرف النظر عن موضوع الخبز، فلا ارتباط بين الموضوعين، لأن رسوم العمل والإقامة يتحملها أرباب العمل الأردنيون، وليس غير الأردنيين من عمال وافدين وسياح ودبلوماسيين إلى آخره. أي أن الحكومة تدعم الاستهلاك على حساب الإنتاج.
يقول أصحاب الأصوات العالية إن سعر الخبز خط أحمر، وكأن أسعار الادوية والملابس وإيجارات المساكن وباقي الحاجيات الضرورية خط أخضر. لقد قيل مثل هذا عند الحديث عن تعويم أسعار المحروقات ولم يلبث الضوء الأحمر أن خبا، وتعايش الجميع مع الحقيقة، وهي أن بيع السلع والخدمات في السوق بأقل من كلفتها يشكل اختلالاً يقترب من الفساد.
لا نطالب الحكومة ولا نتوقع منها أن ترفع سعر كيلو الخبز من 16 قرشاً إلى 38 قرشاً، وهو ما تقول إنه الكلفة الحقيقية، ولكن لا أقل من كسر هذا (التابو) برفع السعر بالتدريج البطيء، فلن تسقط السماء على الأرض لو ارتفع سعر كيلو الخبز قرشاً واحدأً كل ثلاثة أشهر.
(الرأي)