بادر عدد من اعضاء الهيئات التدريسية في بعض الجامعات الاردنية التي تحريك موضوع انشاء نقابة تتولى تنظيم عمل اساتذة الجامعات وتحمي حقوقهم في الاردن وتؤطر طبيعة الادوار التي يجب ممارستها خدمة للأهداف الوطنية.

وكالعادة، تحمس البعض وتخوف البعض الاخر من النخب الاردنية من هذه الدعوة ولكل اسبابه ودوافعه.. ولهؤلاء المتخوفين اقول: هل يعقل ان الوطن يتخوف من مزيد من التنظيم لجهود من يشكلون عقل البلد ووجدانه..؟؟ وهل من امة تتحسب من مزيد من التنظيم لعلمائها وطلائع الفكر والتنوير فيها ؟

ان اساتذة الجامعات في اي بلد يشكلون عنوانا علميا وفكريا لمجتمعهم.. لأن وظيفة مؤسسة التعليم العالي ان تقود الجهود الوطنية باتجاه المزيد من القدرة على تفعيل ادوات التنمية والتقدم والمضي الى امام بمنحنى يتزايد مع الزمن بوتائر متصاعدة.. ويجب ان ندرك دائما ان الافق السياسي الضيق الذي حكم سلوك الدولة الاردنية تجاه هذه المؤسسة يجب ان يتوقف وذلك خدمة للوطن وتحقيقا لواقع يجب ان يتبلور لأن الهدف لكل ما تقوم به الدولة يفترض دائما ان يسعى الى خدمة المجتمع وتيسير سبل التقدم فيه واتاحة الفرص على اتساعها لمساهمات ابناء هذه المؤسسة في دراسة وتقييم واختيار السبل الكفيلة في وضع السفينة الوطنية على السكة الصحيحة باتجاه المستقبل.

يخطئ البعض في تصوراتهم حول عمل نقابة اساتذة الجامعات في الاردن، فنقابة لفئة مجتمعية في هذا المستوى العلمي لا تعني فقط انها تسعى الى الحصول على بعض الحقوق المطلبية، انها كيان اكبر من ذلك بكثير.. فقد يكون من اهم واجباتها الوطنية انشاء مراكز ابحاث متخصصة في دراسة مشاكل المجتمع واقتراح حلول علمية مناسبة لها. وقد يكون ايضا على رأس اولويات عملها وضع آليات مناسبة لتوحيد الجهود المتناثرة حاليا لباحثين وعلماء اردنيين من جامعات مختلفة يقومون بشكل منفرد بإجراء بحوث علمية في سياق التنمية الوطنية سواء كانت سياسية ام اقتصادية ام ثقافية ..

وقد يكون من المساهمات المتوقعة لهذه النقابة تكوين حلقات بحثية متخصصة تكون على رأس سلم اولوياتها دراسة واقع التعليم العالي في بلادنا ووضع حلول وآليات مناسبة للنهوض به الى مستويات اعلى تخدم الوطن والسياسات العليا بالتطوير والتحديث والتي دائما ما تكون من اهم التوجيهات التي تتضمنها كتب التكليف للوزارات المتلاحقة والتي للأسف لم تتمكن اي من هذه الحكومات من انجازها في مجال التعليم العالي بالشكل المناسب.

وختاما لا بد من التأكيد على ان انشاء نقابة لاساتذة الجامعات في الاردن سيكون اضافة نوعية هامة للجهود الساعية لوضع الاهداف الوطنية في المسار المناسب باتجاه الانجاز الواعي المبني على اسس نابعة من المنهج العلمي الصحيح الذي هو منهج اساتذة الجامعات في التعامل مع القضايا والانشطة التي يمارسونها.
ملاحظة: هذه المقالة نشرت سابقا واعيد نشرها الآن نظرا لعودة الحديث عن موضوعها مجددا.