ظهرت "زاوية رندا حبيب" لأول مرة في صحيفة الجوردان تايمز منتصف الثمانينات حينها كان الصديق جورج حواتمة يرأس تحريرها. كانت مساحة التعبير في تلك الفترة الزمنية محددة لطبيعة ما يمكن أن يطرح من مواضيع. فاعتمدت الزاوية أسلوب الرسالة الضمنية أو الفكاهة أو القصة الجادة أو الساخرة لكسب مساحة أوسع من التعبير.
وتبين أن القراء أعجبوا بهذا الأسلوب الذي يدفعهم الى التفكير والاستنباط وقراءة ما بين السطور، ولعل بساطة الصياغة وكاريكاتيرية الموقف أكثر ما شدهم، عدا عن ماهية الطرح ومضمونه. وفي تاريخ الأدب والصحافة كان هناك الكثير من الأمثلة والأسبقيات الشبيهة.
ورغم أن المساحة المتاحة لحرية التعبير هي اليوم أكبر مما كانت عليه في الماضي، الا ان بعض المواضيع لا يمكن التعامل بها الا بأسلوب التورية ذاته، لتجد مكانا لها في الصحافة المحلية.
من البديهي أن هذا الأسلوب في الكتابة لا يشبه ولا يقارن بالذي يعتمد في وكالة انباء عالمية، حيث ان الأمر يتعلق بخبر أو بتحليل سياسي وهذا له طبيعته وأصوله الفنية والمهنية الخاصة.
هنا في الزاوية، يعبر الكاتب عن آرائه الشخصية ومشاعره وإحباطاته....وذلك ضمن الحدود التي يفرضها القانون. قد يعبر الكاتب تارة بوضوح وبشكل مباشر عن بعض الامور مثلما هو الحال اليوم، وتارة اخرى يلجأ الى اسلوب غير مباشر أو يعبر من خلال قصص خيالية أو ساخرة وذلك لأسباب واضحة.
يعلق بعض القراء والأصدقاء على كتاباتي في"زاوية رندا حبيب" بقولهم لي إن في ذلك جرأة غير معهودة، وذلك لمجرد طرق بعض الامور حتى ولو كانت من خلال أسلوب التورية. لكنني أجيب بأنني لا أعتبر ذلك جرأة أبدا، طالما أننا في حمى الأردن وقائده.
أخيرا، القافلة تسير.. وستستمر بالمسير، وسيستمر بعضهم بالتساؤل والحيرة عن سبب بقاء بعض الناس قابضين على جمر طهر مواقفهم الثابتة وعنادهم المهني.
وأقول للذين يمررون لي تهديدات مبطنة: أنتم لستم أول من قام بذلك، ولن تكونوا آخرهم، ولن تستطيعوا أن ترهبوني لأن خوفي على الوطن أكبر بكثير من خوفي على نفسي.