كما نتحدث بصراحة وسقوف بلا سقوف في قضايا السياسة والاقتصاد وغيرها فإننا بحاجة الى ذات الثورة والحراك في ملف سلوكياتنا كأفراد ومجموعات ، ونحتاج الى مبادرات تتجاوز بنا حالة المطالبة ونقد كل شيء الى اداء كل منا لواجبه او كما يقال .. كل واحد يشتغل شغله.
وهنا اتذكر مقولة سمعتها للشاعر الراحل احمد فؤاد نجم في مقابلة اذاعية قبل ثورة يناير الاخيرة بان ما تحتاجه مصر هو ان يشتغل كل واحد بشغله، أي ان نؤدي واجباتنا التي علينا، فالمعلم يدرس بحق الله، والسياسي والمسؤول يحترم القسم الذي اداه، والعامل والطبيب وكل مواطن، فتخيلوا لو ان كل واحدمنا يؤدي ما عليه فهل سيكون هناك فساد او ترهل او خلل.
نحن بشر ولسنا ملائكة ، ولن يؤدي كل منا ما عليه تماما، لكن عندما يكون اغلبنا يقف على عمله وواجبه فإننا نشهد فساداً، لان الفساد بيئة وخلق رديء قبل ان يكون تشريعاً.
لكن المشكلة عندما يكون كل منا يبحث عن وسائل للهروب من اداء عمله وواجبه، بل يكون الهروب احياناً نحو شعارات وحكايات كبيرة بينما احدنا لديه الاستعداد ليكون مشروع فاسد او متجاوزاً للأعراف ، والحكايات في هذا الجانب على اكثر من صعيد.
ولعل السنوات الاخيرة بكل ضجتها واجوائها (الثورية) كشفت عن خلل في جوانب مجتمعنا على شكل سلوكيات مارسها البعض من استقواء وطلب حقوق ليست له وغيرها وغيرها من الممارسات التي نسمع نقداً لها في العديد من المجالس.
رغم اهمية قوانين السياسة إلا أن مشكلة أي مجتمع وأي دولة اولاً في القيم والممارسات التي تحكم علاقته مع بعضه البعض، عندما يعتقد البعض ان على كل الاخرين ان يؤدوا واجبهم الا هو فهذه مشكلة، وعندما نريد محاربة الفساد الا الفساد الذي يجلب لنا مصالحنا فهذه حكاية فساد كبرى لوحدها، وعندما نختبئ خلف شعارات جميلة لتحقيق مصالحنا لاشخاص او فئات فقد ظلمنا القضايا المقدسة، والحقنا ضرراً حتى بمن يدفعها صدقاً وقناعة.
لو قام كل واحد منا بواجبه و(اشتغل شغله) لما احتجنا لكثير مما نعيشه وندفع ثمنه، لكن عندما تضيع الواجبات ستضيع الحقوق ايضاً، واصل التهاون في اداء الواجب الاخلاق والقيم ، ومن يأكل حق الناس او الدولة مشكلته الاولى اخلاق وقيم بغض النظر عن شعاراته.
(الرأي)