من المهنية الرفيعة أن تذكرنا الصحافة يومياً برقم غير عادي في قوائم استيرادنا أو تصديرنا لسلع ومنتجات، وتضعنا أمام مسؤولية المواطن والحكومة ومجلس الأمة، خاصة حين تكون الأرقام غير عادية وغير مألوفة:
-.. مثلاً رقم استيراد الأردن من اللؤلؤ الطبيعي والحجارة الكريمة وشبه الكريمة لأكثر من نصف مليار دينار في 11 شهراً!!.
- ما هذا الرقم؟!. هل يحتاج المواطن الأردني لكل هذه الأكوام من اللؤلؤ الطبيعي والحجارة الكريمة وشبه الكريمة؟!. وما هو الهدف من هذه القفزة في الاستيراد السخيفة وغير اللائقة, والترفيه والمشبوهة في بلد كالأردن يمرّ بأكثر من العجز في موازنته، وفي ميزانه التجاري؟؟.
نتمنى على وزارة الصناعة والتجارة أن لا تبقى تقوم بدور الختّامة لمعاملات رخص الاستيراد، فالذي نعرفه أنها تبقي عينها مفتوحة على توفر العملات القابلة للتحويل في البنك المركزي، أولاً.. وأنها تهتم بأرقام الاستيراد والتصدير والميزان التجاري، وأنها في النهاية ترشّد استهلاك البلد وخاصة من السلع الترفيهية التي لا تضيف شيئاً إلى النمو الوطني أو استيعاب الأيدي العاملة المتبطلة.
مرّة غضب الرئيس مضر بدران من رقم الستة ملايين دينار لاستيراد التفاح، صاح الرجل الذي يحسب كل شيء: ستة ملايين دينار تفاح، يجعل لا أحد يأكل تفاحاً ومنع استيراد التفاح.
وقامت قيامة الصالونات السياسية تماماً كما تقوم القيامة لرفع الدعم عن المشتقات النفطية، ومنع الأرجيلة في المقاهي العامة ومنع التدخين في الدوائر الرسمية.
وقتها شمّر أحباب الأردن عن سواعدهم وبدأوا بزراعة آلاف الدونمات في الشوبك بأشجار التفاح.
الرئيس بدران لم يجد أن مسؤوليته وقتها هي مناشدة الأخ المواطن بترشيد استهلاكه، والاعتماد على منتجنا المحلي، وإنما اتخذ قرار رجل الدولة، ممنوع استيراد التفاح، نقطة أول السطر.
سؤال نسأله لوزارة الصناعة والتجارة التي تسمح بجنون ضياع نصف مليار دينار على استيراد اللؤلؤ الطبيعي: هل هناك لؤلؤ طبيعي بعد أن أغلق عرب الخليج شواطئ الغوص منذ أكثر من قرن؟ ولماذا نستورد كل هذه الكمية من الحجارة «الكريمة» و«شبه الكريمة» إذا كنا لا نصنعها ونعيد تصديرها مجوهرات كالمجوهرات الإيطالية؟
الصناع اليهود وحدهم في إسرائيل وهولندا وبلجيكا هم المهتمون باستيراد هذا اللؤلؤ الذي يزرعونه في شواطئ اليابان.. وهذه الأحجار من جنوب إفريقيا.. وتتركز هذه الصناعة في إسرائيل. فهل هناك رابط بين استيرادنا لهذه الكمية من «السخف» وبين اليهود؟
سؤال.. مجرد سؤال!
(الرأي)