رسائل لمن يريد وطناً بلا سقف
11-02-2014 03:47 AM
قوات حرس الحدود الاردنية.
جيشان في جيش: السلاح والإنسانية.
ورسائل لمن يريد وطنا بلا سقف .
لا يمكن للمرء ان يدرك حجم الواجب الخطير لقوات حرس الحدود الاردنية إلا إذا عاش يوماً أو حتى بضع يوم مع النشامى وهم يؤدون واجبهم في مناطق الحدود الشمالية تحديدا..
ولا يمكن لأي واحد منا ان يدرك أيضا معنى نعمة الأمن والأمان إلا إذا شاهد كيفية وصول اللاجئين واستقبالهم وإيوائهم في مناطق صحراوية لا رحمة فيها من البرد القارس والقيظ اللاهب.
عشت هذه اللحظات ضمن قاطع بطول 200كلم فيه أكثر من نقطة عبور للاجئين السوريين ، إنها المأساة البشرية التي يعجز اللسان عن وصفها ، ولكنها في الوقت هي معيار الكفاءة الاردنية في استيعاب اللاجئين وتقديم كل الخدمات من النقل إلى الإيواء والعلاج والإطعام،
وذات الجندي الذي يحمل السلاح بكل يقظة وهو يحمي الحدود هو ذاته الذي يصافح اللاجئ ويركبه بالسيارة وينقله ويطعمه ويعالجه ويأويه.
ولكن هناك أكثر من صورة تراها العين لا تحتاج إلى أي رتوش أو مداخلات فنية ، هو مسلسل واقعي متصل فيه مواقف صعبة ، ولا اعتقد إلا ان تدمع عيناك وان ترى فتاة صغيرة بلباس العيد تقريبا وقد تجمل شعرها وهي تركض أمام موقع وحدة عسكرية تلعب وتلهو مع أقرانها في منطقة لا اثر للشجر أو الزرع فيها ، بل هي صحراء قاحلة ،
ترى الفتاة الصغيرة التي أتت لتتنسم الحرية والأمن وتشعر بأنها وجدت هذه الحرية هنا لأنها لم تخرج من داخل غرفة بيتها لسنوات ، وما عادت جنات الأرض تعنيها بقدر ان تنطلق باللعب واللهو أمام جنودنا الأردنيين في مواقعهم وهم يبعثون رسائل الأمن والطمأنينة إليهم .
قوات حرس الحدود الاردنية هم جيشان في جيش :
جيش يسور الوطن بالبندقية والعين الساهرة يمنع العاديات وأي تسلل كان ،
وجيش أبدع في إنسانيته وهو يتعامل مع التدفق المستمر للإنسان العربي الذي يبحث عن السلام والأمن المفقود عنده ، ولا يمكن إلا ان تدرك عالمية جيشنا العربي الاردني وهو يطبق باحتراف أصول العمليات النفسية وكذلك تطبيقات الشؤون المدنية
) Civil Affairs and Physiological Operations)
وينطلق من أسس الأخلاق الاردنية وتقاليد الجيش لعربي الاردني الذي اكتسب ويكتسب خبرات في منهج التعامل مع هذه الحالات الإنسانية.
ان ما يجري على حدودنا الاردنية هو قصة مستمرة وعمليات معقدة في التعامل مع شرائح اللاجئين المختلفة بلا يأس أو نقص في الخدمات ، وفق إدارة عصرية متمدنة ، ولكن نقرأ في هذه القصة رسائل عديدة ،
ليس فقط رسالة الجندية الاردنية التي تربت على الإخلاص للواجب والطاعة وتنفيذ الأمر بدقة وحماية الحدود
وليست أيضا رسالة الكفاءة والاقتدار للجيش العربي الاردني ولقوات حرس الحدود
بل هناك أكثر من رسالة تنطلق من السواتر التربية والخنادق والكمائن والمراقبات ،ومن سهر الليالي للجند
هي رسالة مثل الرسالة التي نريد ان تسري في مجتمع الشباب وأهل بقايا الربيع العربي الذين يريدون الوطن الاردني بلا أي سقف بعد ان اخترقوا كل السقوف،
رسالة إلى المتلهفين لتحقيق المكاسب الشخصية والناعقين في مجتمعنا والناكرين والجاحدين الذين يرون ان طريق الإصلاح هو في مثل النماذج الدموية التي جلبت وتجلب الكوارث على شعوبها .
رسالة إلى الذين يتفذلكون في استخدام مصطلحات في غير محلها مثل الملكية الدستورية بمعنى البحث عن تقويض صلاحيات الملك للحصول على مساحة أوسع ليمارسوا من خلالها التخريب والتجييش السلبي
ورسالة إلى المنادين بإلغاء محكمة امن الدولة والمكرمات الملكية وغيرها لتفكيك العلاقة بين القيادة والشعب والجيش ،ولتوفير ميدان خصب لبث الفكر الهدام والعبث في مقدرات وثوابت الدولة
ورسالة إلى الذين لا يدركون معنى المواطنة ولا يعنيهم الوطن لأسباب تتفاوت في التقدير والتقييم
هذا ما يمكن للمرء ان يدركه وهو يعيش لحظات المأساة لشعب يبحث عن الأمان ويريد هواء الحرية لأطفاله ،
وما يمكن ان نزداد معرفة بقيمة الأمن والأمان الذي يحاول البعض تغييب القيمة لها ،
ولنحذر من اؤلئك الباحثين عن الدم والجاحدين والناكرين والمتصيدين ، والذين يريدون الهاء الشعب عن واجباته ومواطنته بإثارة قضايا من اجل التشويش والتأثير في صفات مجتمعنا الاردني الطيب ..
هذا غيض من فيض المأساة على الحدود ،
ولكن هل لدينا نحن مأساة الجحود وأزمة المواطنة والتغييب والتعتيم على واقع المرارة لشعب آخر في وقت لا يريد البعض ان يأخذ العبرة من ذلك ،
وأيا كان فإننا لا نملك إلا التحية ووقفة الإجلال والإكبار لقوات حرس الحدود المنغرسين في ارض الوطن يسيجون الحدود بقلوب من البأس القوي والشجاعة والتي تمتلئ رحمة وإنسانية لتستحق حرس الحدود اسم جيش من الإنسانية عدا عن كونها جيش امن وقوة وحماية وردع.