في الاعلام الالكتروني العربي، مئات الاعلانات العبرية، وهذه اعلانات يتم نشرها بشكل يومي، وباتت لافتة للانتباه في مئات المواقع الاعلامية العربية.
المشكلة ان المواقع الالكترونية العربية لا..تتعاقد مع وكلاء اسرائيليين لنشر هذه الاعلانات، ولا تبيع مساحاتها لشركات اسرائيلية، اذ ان كل القصة تتعلق بتأجير مساحة محددة لشركات عالمية مثل «غوغل» وهذه الشركات تقوم بنشر اي اعلانات تريدها من جانبها، وهي حرة في توظيف واستعمال هذه المساحات، باعتبارها ملكها.
بالمقابل ُتدفع مبالغ مالية لهذه المواقع في العالم العربي، والنتيجة تسلل المال العبري الى الاعلام العربي، عبر وسيط دولي يسطو على مساحات اعلانية مقابل عقود مالية.
هذا باب من ابواب التطبيع القهري، فهو ليس اختياريا، اذ انه يأتي دون موافقة المواقع الاعلامية العربية، لمجرد تأجير هذه المواقع لمساحات فيها، لشركات عالمية، وهذه الشركات العالمية تقوم بنشر اعلانات تجارية بلغات مختلفة، وبعضها اعلانات ذات طابع ديني، وهناك اعلانات جنسية في حالات كثيرة، فالشركة العالمية المعلنة تتحكم بالمساحة المستأجرة، وفقا لمصالحها وعقودها.
عمليا فإن وساطة «غوغل» تقوم بالمهمة، واذا كان من الممكن الاعتراض على نشر الاعلان، او اختيار خيار محدد يجعل الاعلان يختفي عن موقعك المفضل او الصفحة التي تتابعها، فإن هذا خيار لايقوم به كثيرون، من باب عدم الاهتمام او عدم التنبه لهكذا خيارات.
انسياب اللغة العبرية الى الاعلام العربي، والى مئات المواقع الالكترونية العربية، فيه تطويع للنفس العربية الرافضة لفكرة الاقتراب من اسرائيل، وانسنة «اسرائيل» تتم بوسائل مختلفة، ابرزها استضافة خبراء اسرائيليين عبر قنوات عربية، واستضافة قنوات عربية في قواعد جوية اسرائيلية كما شهدنا مؤخرا، وصولا الى اللفتات الانسانية للاحتلال عبر علاج طفل من هنا او هناك، وتجميل الصورة جارٍ على قدم وساق.
ما نراه من تدفق للاعلان العبري في الاعلام الالكتروني العربي، وهو امر بات لافتا للانتباه، خلال الفترة الاخيرة، امر مؤسف، غير ان الاعلام الالكتروني العربي امام خيارات احلاها مر، فإما يتم اغلاق باب التعاقدات كليا مع شركات عالمية مثل «غوغل» وبالتالي ستخسر هذه المواقع موردا ماليا اضافيا، يأتيك بما يسرك وما لا يسرك، كحالة الاعلانات العبرية التي تنهمر دون موافقة الموقع، ودون رغبة الناشر او رئيس التحرير، وإما يتم الاستمرار في هكذا تعاقدات، وهي بطبيعة الحال ستحوي مفاجآت بشكل دائم على الصعيد الديني والسياسي والاخلاقي.
الاعلانات العبرية تنهمر على مواقع الكترونية عربية في دول عربية معادية لاسرائيل، فالقصة ليست حكرا على الدول التي تقيم اتفاقات مع اسرائيل، بل نرى هذه الاعلانات باتت تتسلل عبر «غوغل» الى مواقع الكترونية عربية في دول عديدة.
من ناحية سياسية، فإن المال المدفوع هنا من «غوغل» اساسه مال اسرائيلي، لان المعلن الاسرائيلي يدفع لغوغل ثمن هذه الحملات التي تخصه، وبالنتيجة فإن المال الاسرائيلي يتسلل الى الاعلام العربي، ويصبح شريكا في صناعة الاعلام العربي.
الاعلام العربي عليه ان يختار، فلا يعقل ان نشبع وطنية وخطابات في هذا الاعلام، فيما مواقعه الالكترونية تحوي اعلانات اسرائيلية، يتم دفعها، نقدا، ويتم رمي المسؤولية على من استأجر المساحة.
هذه المساحات، تتحول الى مساحات عمياء، لاتعرف ماذا سيجد عليها، من اعلانات مستفزة، سياسيا او دينيا او اجتماعيا او اخلاقيا؟!.
هي دعوة للاعلام العربي بكل انواعه ان يقف وقفة تأمل امام هذا التسلل الخطير، وان لايختبئ خلف الاتهام السهل لغوغل ولغيرها من شركات بأنها تستأجر مساحة، ثم تفرض عليها ما تريد.
«الارض بتتكلم عربي»..اغنية شهيرة غناها سيد مكاوي، واليوم يمكن القول بكل بساطة ان «الارض بتتكلم عبري» وعود مكاوي بات في يد «غوغل» تعزف عليه كيفما شاءت في بلاد العرب اوطاني!.
(الدستور)