إلى أبي الحسين .. والدمع حرفي ونبضي
09-02-2014 11:50 AM
الأخ العزيز وائل جرايشة تحيه وبعد :
واسمح لي وأنت المؤتمنُ على أثير "عمون" أن أرسلَ لك بعضاً من بكائي المُصفى على الورقِ دمعاً وليس حرفاً ....واسمح لي أن أكتب لسيدي وأبي الحسين في ذكراه ..
لا أرضى ولا يرضى قلبي يا صديق الخطى المتعبة، وبين الطفيلة والكرك وجدٌ وشوقٌ أن يتقاذف تاريخ الحسين من تعتق باليسار ألف عام وشيوعي ما كان مع النظام يوماً.
أنا وبكل فخر الدنيا .... ابن الحسين وساعٍ ككل وطني لحماية تاريخه، وأنا الصوفيُ في حبهِ وأنا من أحب الحسين منذ زمن كربلاء ووجد الحسين الجد في الحسين الإبن الذي قاتل ذات يوم السرطان .
وتدري يا رفيق المهنة أن الأمة مرّت بكربلائين الأولى حين استشهد الحسينُ الإمام في الطفوف وتشيّعت أمة كاملة في غرامه ، والثانيةُ حين غادر الحسين مغترباً ومقاتلاً السرطان ..وصدقني يا وائل في لحظة تعب وقلب مدمى لم أجد فارقا بين السيف الأموي والسرطان ...فكلى الحسينين كانا شهيدين طاهرين ....
واسمح لي أن أحتكر أبي ...الحسين هذا اليوم واسرقه لوجداني ..وجداني فقط ...
فأنا من أسرة أول رئيس وزراء شرق أردني كان منها وهو هزاع المجالي ..هزاع لم يكن يسارياً ...ولم يكن شيوعياً ..كان هاشميا ملء الفؤاد ...وشظايا القنبلة الغادرة التي ذبحتهُ من وريد عشقه المؤابي وحتى نبض قلبه الخليلي لم تكن تستهدف شخصه وإنما استهدفت وطنا وعرشا ...ألم ننتج للأردنيين ونحن منهم والحافظون عهودنا معهم هزاع؟ ألم ننتج حابس...كتيبه قايدها حابس تقش الأخضر واليابس) ...).
قل لي يا ابن الطفيلة ..وهل حضر اليساريون في باب الواد حين أسّسَ الجيشُ للوطن حضورَهُ البهي؟ وهل حضر غيرُهم بكل مؤلفاتهم وإنصافهم؟ فليتفضل من يعشق الحسين ويحكي لنا كم طلقه سدد لليهود ؟...أنا وأباهي الدنيا بالكرك وأهلي وأردني ..واقولها بملء الفم ..الحسين لمن سددوا الطلقات ولمن طحنوا الفك بالفك ولمن احترفوا في طفولتهم هواه ...وليس لمن يحترفون البطولة على ورق الجرائد وتاريخ الحزب.
لو أن (بادي عواد) ذاك السيد النبيل من (بني صخر) الذي صدّ الطلقات الصهيونية بجبهته، قيّم الحسينَ وتاريخَ الحسينِ لقبلنا يا بن أرضي وتعبي، ولكن كيف نقبل ممن كان تاريخهُ ....يسار على يسار ورفض من رفض أن يقيم تاريخ الحسين ؟
أخي وائل ..
واسمح لي أن اسرد أمراً آخر ..الحسين في كل محطاته كان عسكرياً..من حربٍ لحرب ومن أزمةٍ لأزمة ومن محاولة إغتيال لمحاولة تهميش ...والذين رافقوه في زمن الحرب ما زال بعضُهم على قيد الحياة ولم يجرؤ أحدٌ منهم على تقييم حقبته وهم الأولى .. ذاك أن للرصاص حروفاً ..وإيقاعاً في الكتابه ...وصدقا. ومع ذلك صمتوا لأن المرحلة تقتضي أن نحفظ هيبة ذاك الزمن ...ومجده .
اسمحلي وتلك المرة الأولى التي أظطر فيها أن أعود لمعقلي العشائري فأنا لست كتائبياً ولا يساريا ..ولست ابنا لسفارة ..ولا ابنا للخوف ولست تابعا لمؤسسات ما يسمى بالمجتمع المدني أنا أبن العشيرة ، واسمح لي أن اقول لك لماذا يحق لي في هذا المساء أن أحتكرَ حب الحسين....
ألم يكن قدر أول ثائرٍ على البرِ الأردني ؟ هل كان يومها لليسار أو للحزب دور في ثورته ...ألم يؤسس حسين الطراونة المعارضة الأردنية ..وسرقوا تاريخه وبنوا عليه ؟ والطراونة بكل الرفض والتعب لم يغادر بر الكرك ...
الم يكن عاطف المجالي بطل معركة بوابة (مندلبورم)...واسأل يا رفيق الدرب كيف طُحن اليهود في القدس الغربية ..ولو أن الأيام سايرته لما صمت ولما أرخى لجام حصانه ...
ألم يكن حابس ...سيدا في المعركة وسيدا في الحياة وفي الممات ...وكانت البطولة عنده تعني الصمت ..والميدان , حابس لم يكن بطلا على أوراق الصحف ..
اسمح لي أن اقول لك أن تاريخنا العشائري الذي سأعود له يجيز لي أن أحتكرَ حبّ الحسين ...فهؤلاء شيوخنا وسادتنا النجب , وكانوا في كل تاريخهم حماة للعرش وعسكرا في ظل مجده ...وهؤلاء أنتجتهم المظلة العشائرية ..ونحن تحت أفياء هذه المظلة نصدع للأمر ولا نقاومه ....
هؤلاء رفاق الحسين هؤلاء الذين ضحوا بحياتهم لأجله ولأجل وطن بناه ..وهؤلاء هم الذين قاوموا مد اليسار والمد الناصري وهؤلاء الذين قاتلوا إسرائيل وفيما بعد دعاة القوميه ...فكيف يحق للذين كانوا ينظرون لنا في دفاترهم ومذكراتهم ينظرون لنا أننا رجعيون وعبئا على الوطن ...كيف يحق لهم الان أن يخطفوا منا تاريخ الحسين ويتقاذفونه بين منطق معجب بالإعلام اللبناني ..ومنطق ما زال يحمل بقايا يسار وأمن ...في لحظة يتوحد المنطقان وهذا يحدث في الأردن فقط؟
أنا أكتب من ظلم يحيق بي ومن غضب , ويحق لي أن اعود لمظلتي العشائرية وسأقولها وأنا مسئول عنها ...الحسين حين أسس هذه الدولة , أدرك في لحظة أن جغرافيتها وتكوينها العشائري ...يجيز للعسكر فقط أن يكونوا حماتها وأكبر مؤسسة فيها، ونذر كل حياته للجنود وحماهم وعاش معهم .
واستغرب كيف يقيّم أحد تاريخ الحسين وهو لم يكتب في حياته حرفا عن الجيش الأردني ...بل وظف كل معارك فلسطين لخدمة ما يسمى مشروع المقاومه ..وأنت في لحظة لا تنظر لشخص الحسين على أنه سياسي بقدر ما كان عسكريا ماهرا ..ينظر للأمور من زاوية المعركة , واذكرك صديقي وائل أن الحسين حين وقف موقفه الباسل في العام (91) وخاف على العراق من الذبح أذكرك بموقف الأحزاب التقدمية القومية وأولها البعث ..اذكرك بموقف اليسار والشيوعين وأذكرك بأنهم كلهم مرروا حفر الباطن على خجل ....والان يتباكون على الحسين ويقيمون الحسين .
اذكرك أخي أن الحسين في الـ (67) قاتل إسرائيل على الأقل رغم الهزيمة، وحين هُزم العرب كانت الأحزاب الشيوعية العربية متورطةً بقبول الحزب الشيوعي في إسرائيل ..لابل ان جهابذتها في مرحلة ما وتحت مظلة المرجعية الشيوعية في موسكو لم يجدوا خجلا من قبول ذلك الامر ..وتستطيع أن تقرأ تاريخهم ...
حين نتحدث عن الحسين سأعود لعشيرتي ذاك أن الحسين كان ابن عشيرة وملك شرعي وزعيم تاريخي ...في حين أن البعض خلعوا تلك الأردية وغادروا لمقاهي بيروت وحين أدركوا أن النظام الهاشمي متقدمٌ على كل المشاريع العربية ..عادوا كي يختطفوه منا ...رحم الله أبي ....ورحم زمن يصمت فيه سادة الرصاص ..ويتحدث سادة المعارك الورقيه .