كشف تقرير (رصد التعليم للجميع) الذي أصدرته منظمة اليونسكو حديثاً؛ أن نصف الأطفال في الدول العربية لا يتلقون تعليماً ابتدائياً، أو أنهم لا يتلقون أساسيات التعليم عندما يلتحقون بالمدارس، بسبب تدني مستوى التعليم وافتقاره إلى أدنى المقومات المطلوبة.
ويشير التقرير ان مصر واليمن كانتا ضمن قائمة اول عشرة بلدان على مستوى العالم التي تحتوي اكبر نسبة عالية من الامية متفشية في صفوف الكبار، وأغلبيتهم من الاناث ، حيث بلغت النسبة 72% .
كما اشار التقرير ان 10% من اطفال العراق ما بين سن ( 6_9) سنوات ، لم يلتحقوا بالمدارس منذ عام (2006) .وتقول الاحصاءات المنشورة حول (150) بلدا في العالم؛ ان (41) دولة انفقت عام (2011) ما بقارب 6 % من ميزانيتها على التعليم، في حين أن (25) بلداً قد أنفقت أقل من 3% فقط من ميزانيتها على التعليم، وجاء في التقرير نفسه أن 25% من أطفال الدول الفقيرة لا يستطيع قراءة جملة واحدة.
الحقيقة الاشد رعبا في هذه التقارير العالمية هي المتعلقة بمستقبل التعليم في الدول العربية، إذ أنها لا تشهد تحسناً ملحوظاً، ولا ارتفاعاً متدرجاً في نسبة الإتفاق على التعليم والبحث العلمي، بل إننا نجد أن بعض الأقطار، تشهد تدهوراً ملحوظاً وكبيراً في هذه المجالات، مثل العراق على سبيل المثال، والتحقت بها سوريا ومصر واليمن، في حين أن التقرير يشير إلى أن بعض بلدان العالم استطاعت تحقيق طفرة نوعية خلال السنوات الأخيرة في مجال تحسين جودة التعليم مثل الهند وفيتنام وأثيوبيا.
وجاء في التقرير أن هناك هدراً كبيراً في النفقات في بعض الدول العربية، لا يتوازى مع النتائج والمكتسبات المتحصلة على ارض الواقع، وأن التعليم السيىء خلّف إرثاً ضخماً من الأميّة يتجاوز كل التوقعات.
ملامح الرعب تظهر بوضوح في التخبط الذي تعيشه الحكومات العربية في ادارة العملية التعليمية والتربوية، وفقدانها للرؤية الاستراتيجية والقدرة على تحديد احتياجاتها وفقاً لواقعها ومشاكلها، ومن ثم عجزها عن وضع الخطط والبرامج الكفيلة بتحقيق النهوض المطلوب في مستوى التعليم والبحث العلمي، و تشير يعض الدراسات إلى انتشار ظاهرة ازدهار التعليم الخاص ليكون بديلاً للتعليم العام، حيث أنه يحظى بنفقات كبيرة، ولكنه لا يستطيع حل مشكلة سوى 6% من السكان، الذين يمتلكون الثراء الكافي لتعليم أبنائهم بطريقة جيدة، ويعد ذلك نتيجة طبيعية لسياسات الأنظمة المستبدة القائمة على الفساد.
تؤكد بعض الدراسات و الأبحاث العلمية الصادرة عن بعض المختصين أن معظم المؤشرات تدل على فشل التعليم في العالم العربي حتى هذه اللحظة، وأنها لا تسير نحو الأحسن ، وهناك عجز كبير لدى البلدان العربية بشأن القدرة على تطوير العملية التعليمة لديها في المستقبل القريب! بل إن العجز يتزايد ويتفاقم ويسير نحو الاسوأ.
إن تدني مستويات التعليم في البلدان العربية هو التفسير المنطقي لكل ما تعانيه هذه البلدان من مشاكل كبرى ومعضلات معقدة، على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهو التفسير الحقيقي لما تعانيه المجتمعات العربية من فقر وتخلف وعجز وانقسام وشرذمة، مما يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن كل جهود الإصلاح سوف تكون جهداً ضائعاً، إذا لم يتم بناؤها على خطة استراتيجية متكاملة ترتكز على إحداث ثورة إصلاحية عميقة في مجال التربية والتعليم والتعليم العالي والبحث العلمي.
(الدستور)