مخرجاتنا التربوية .. إلى أين؟
08-02-2014 02:05 PM
تعتبر المنظومة التربوية حجر الزاوية في نهضة الأمم وتقدمها، حيث تصدرت القضايا التربوية أولويات الشعوب الطامحة نحو التقدم والازدهار لما لها من دور محوري في تحقيق التنمية بكافة أشكالها.
والمنظومة التربوية كغيرها تشتمل على مدخلات وعمليات ومخرجات وتغذية راجعة، تتداخل فيما بينها لتشكل النموذج التربوي والتعليمي العام بصورته الشاملة المتكاملة.
فما شكل المخرجات التي نريد، وهل نحن على وعي تام بالمخرجات التي نطمح الوصول إليها تربويا؟
تنصب الجهود التربوية داخل المدارس والجامعات والمؤسسات التربوية والأكاديمية المختلفة على تزويد الطلبة بالمعلومات والحقائق والمفاهيم بصورة تجعل النمو المعرفي جوهر العملية التربوية وهدفها الأهم، وهذا من شأنه إهمال جوانب النمو الأخرى والتي لا تقل أهمية عن البعد المعرفي.
فتحقيق النمو الشامل المتكامل للطلبة بكافة جوانبه العقلية والثقافية والدينية والاجتماعية والجسمية والنفسية وغيرها، يعتبر الهدف الأسمى للعملية التربوية من أجل إعداد الطلبة للحياة بصورة سليمة وتعديل سلوكهم في ضوء طبيعة المجتمع وفلسفته وآماله وفى ضوء المبادئ الإسلامية والتراث العربي والثقافة المعاصرة.
لذا، كان لابد للقائمين على العملية التربوية بكافة المؤسسات الوطنية الأخذ بعين الاعتبار أهمية تحقيق النمو الشامل وعدم الاقتصار على البعد المعرفي القائم على التلقين، فقد أثبتت نتائج العديد من الدراسات أن النمو المعرفي وحده غير كفيل بتعديل السلوك، فمثلا يعرف العديد من الأفراد مضار التدخين وسلبياته ومع ذلك يمارسون هذه الظاهرة، وكذلك الأمر بالنسبة لقواعد السير والقوانين والأنظمة والتعليمات، والتي نعرف جميعا أهمية الالتزام بها واتباعها ، لكن سلوكياتنا تسير بعكس ما نعرف!
فمثلا يعلم الطلبة جميعا أهمية الحفاظ على المؤسسات الوطنية ومقدرات الوطن، ومع ذلك يمارسون العنف داخل المؤسسات الأكاديمية، حيث تنتهك حرمة تلك المؤسسات من خلال المشاجرات والعنف داخل الجامعات، ويتم العبث بها بشكل ينم عن قصور واضح في جوانب النمو الأخرى، لا سيما الجوانب الأخلاقية والوجدانية والاجتماعية.
فالطالب في ضوء النظريات التربوية الحديثة، يعتبر العنصر الأهم في العملية التعليمية-التعلمية، لا سيما مع التطورات التكنولوجية والمعرفية المتسارعة، والتي جعلت المعارف والعلوم متاحة للجميع دون قيود، الأمر الذي يتطلب التركيز على جوانب النمو الأخرى لتتناغم وتنسجم مع الجوانب المعرفية، بحيث لا يتقدم الطالب معرفيا ويتأخر أو يتعثر في جوانب النمو الأخرى، فالنمو المعرفي وحده غير كفيل ببناء شخصية متوازنة للطالب وإعداده للحياة بصورة تمكنه من المساهمة بشكل إيجابي لخدمة مجتمعه.
من هنا، تأتي أهمية تحقيق النمو الشامل للطالب "روحياً وعقلياً ومعرفياً ووجدانياً"، بهدف تكوين حالة من الانسجام بين ما يعرف الطالب وما يقول وما يمارس وما يؤمن به، بحيث لا نتوقف عند مرحلة المعرفة المجردة، والتي سرعان ما تذوب وتتلاشى بعد انتهاء الغاية من تلك المعرفة.